٢٩٧٤ - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " «أَخْبَرَنِي عَمَّايَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الْأَرْبَعَاءِ أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ، فَنَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ، وَكَأَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٩٧٤ - (وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ) أَيْ: الزُّرَقِيِّ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَابِعِيهِمْ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمَّايَ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ تَثْنِيَةُ الْعَمِّ مُضَافًا إِلَى يَاءِ الْإِضَافَةِ (أَنَّهُمْ) أَيِ: الصَّحَابَةَ أَوِ النَّاسَ أَوْ أَعْمَامَهُ (كَانُوا يُكْرُونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ: يُؤَجِّرُونَ (الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ) رَسُولِ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " بِمَا يَنْبُتُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (عَلَى الْأَرْبَعَاءِ) بِفَتْحِ هَمْزَةٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ مَمْدُودًا جَمْعِ رَبِيعٍ، وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْقِي الْمَزَارِعَ، فَقَالَ: رَبِيعٌ وَأَرْبَعَاءُ وَأَرْبِعَةٌ كَنَصِيبٍ وَأَنْصِبَاءَ وَأَنْصِبَةٍ قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ الْعَامِلُ بِبِذْرِهِ، وَيَكُونَ مَا يَنْبُتُ عَلَى أَطْرَافِ الْجَدَاوِلِ وَالسَّوَاقِي لِلْمُكْرِي أُجْرَةً لِأَرْضِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَكُونُ لِلْمُكْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ بَذْرِهِ وَعَمَلِهِ (أَوْ بِشَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ) كَأَنْ يَقُولُ: مَا يَنْبُتُ فِي هَذِهِ الْقِطْعَةِ بِعَيْنِهَا فَهُوَ لِلْمُكْرِي، وَمَا يَنْبُتُ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ لِلْمُكْتَرِي، (فَنَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ) وَلَعَلَّ الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ مَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ وَالْغَرَرِ إِذْ رُبَّمَا تَنْبُتُ الْقِطْعَةُ الْمُسَمَّاةُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَيَفُوزُ صَاحِبُهَا بِكُلِّ مَا حَصَلَ وَيَضِيعُ حَقُّ الْآخَرِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ ثِمَارَ بَعْضِ النَّخِيلِ لِنَفْسِهِ وَبَعْضَهَا لِلْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ (فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ) أَيِ: الْمُخَابَرَةُ (بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ) إِذْ لَيْسَ فِيهِ خَطَرٌ (وَكَأَنَّ) بِالشَّدِيدِ (الَّذِي نُهِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ ذَلِكَ مَا) أَيْ: هُوَ الَّذِي (لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ) بِوَاوَيْنِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الرِّوَايَةُ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: ذَوُو الْفَهْمِ بِوَاوَيْنِ أُرِيدَ بِهِ الْجَمْعُ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ (لَمْ يُجِيزُوهُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ (ذُو الْفَهْمِ) بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِيَّةِ فِيهِ عُمُومٌ فَيُجِيزُ الضَّمِيرَ فِي لَمْ يُجِيزُوهُ اه وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي رِوَايَةِ [النَّسَفِيِّ وَابْنِ شَبُوَيْهِ] : ذُو الْفَهْمِ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ وَقَالَ: لَمْ يُجِزْهُ [لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ] أَيِ: الْغَرَرِ وَالتَّوَرُّطِ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِكَوْنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ مَجْهُولَةً، وَالْمُخَاطَرَةُ مِنَ الْخَطَرِ الَّذِي هُوَ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَافِعٍ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: هَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أُدْرِجَتْ فِي حَدِيثِهِ، وَعَلَى هَذَا السِّيَاقِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّهَا مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَمْ مِنْ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اسْمُ كَانَ الْمَوْصُولُ مَعَ الصِّلَةِ وَخَبَرُهُ الْمَوْصُولُ الثَّانِي وَالْوَاوُ حَالٌ مِنْ خَبَرِ لَيْسَ، فَإِنَّ رَافِعًا لَمَّا اسْتُفْتِيَ عَنْ الِاكْتِرَاءِ بِالدِّرْهَمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَصٌّ فِيهِ وَلَمْ يَرَ الْعِلَّةَ فِيهَا جَامِعَةً لِيُقَاسَ بِهَا بَيَّنَ بِقَوْلِهِ وَكَأَنَّ الَّذِي نُهِيَ إِلَخْ، وَلَوْ بِالدِّرْهَمِ إِلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يَرْتَبِطْ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَالظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَافِعٍ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute