للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٧٨ - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: «وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ الذُّلَّ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

٢٩٧٨ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: وَرَأَى سِكَّةً) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالسِّكَّةُ بِكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُشَقُّ وَتُحْرَثُ بِهَا الْأَرْضُ (وَشَيْئًا) أَيْ آخَرَ (مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ النَّبِيَّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ هَذَا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنَ آلَةِ الْحَرْثِ (بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ) أَيِ: اللَّهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (الذُّلَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيِ: الْمَذَلَّةَ بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ، وَالْمَقْصُودُ التَّرْغِيبُ وَالْحَثُّ عَلَى الْجِهَادِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: " وَإِنَّمَا جَعَلَ آلَةَ الْحَرْثِ مَذَلَّةً لِلذُّلِّ لِأَنَّ أَصْحَابَهَا يَخْتَارُونَ ذَلِكَ إِمَّا بِالْجُبْنِ فِي النَّفْسِ، أَوْ قُصُورٍ فِي الْهِمَّةِ، ثُمَّ إِنَّ أَكْثَرَهُمْ مَلْزُومُونَ بِالْحُقُوقِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَلَوْ آثَرُوا الْخَرَاجَ لَدَرَّتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْزَاقَ وَاتَّسَعَتْ عَلَيْهِمُ الْمَذَاهِبُ، وَجَبَى لَهُمُ الْأَمْوَالَ مَكَانَ مَا يُجْبَى عَنْهُمْ. قِيلَ: قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ " «الْعِزُّ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَالذُّلُّ فِي أَذْنَابِ الْبَقَرِ» وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا مِنَ الشُّرَّاحِ: " ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الزِّرَاعَةَ تُورِثُ الْمَذَلَّةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا لِلنَّاسِ، وَلِخَبَرِ: «اطْلُبُوا الْأَرْضَ مِنْ جَثَايَاهَا» ; بَلْ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ الصَّحَابَةُ بِالْعِمَارَاتِ وَبِتَرْكِ الْجِهَادِ فَيَغْلِبَ عَلَيْهِمُ الْكُفَّارُ. وَأَيُّ ذُلٍّ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يُقَرِّبُ الْعَدُوَّ لِأَنَّهُ لَوِ اشْتَغَلَ بِالْحَرْثِ وَتَرَكَ الْجِهَادَ لَأَدَّى إِلَى الْإِذْلَالِ بِغَلَبَةِ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>