٣٠٠٤ - وَرُوِيَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ عِمَارَةِ الْأَنْصَارِ مِنَ الْمَنَازِلِ وَالنَّخْلِ، فَقَالَ بَنُو عَبْدِ بْنِ زُهْرَةَ: نَكِّبْ عَنَّا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِمَ ابْتَعَثَنِي اللَّهُ إِذًا، إِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ حَقُّهُ» .
ــ
٣٠٠٤ - (وَرُوِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ وَقِيلَ: بِالْمَعْلُومِ فَالضَّمِيرُ إِلَى الْبَغَوِيِّ صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) كِتَابٍ مَشْهُورٍ لَهُ مُسْنَدٌ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْطَعَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ» ) قَالَ الْقَاضِي: " يُرِيدُ بِالدُّورِ الْمَنَازِلَ وَالْعَرْصَةَ الَّتِي أَقْطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ لِيَبْنِي فِيهَا وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ الْمُهَاجِرِينَ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ وَتَأَوَّلَ كَذَا أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْمَنْزِلَ دَارًا وَإِنْ لَمْ يُبْنَ فِيهِ بَعْدُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَقْطَعَهَا لَهُ عَارِيَةً، وَكَذَا إِقْطَاعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِرِ الْمُهَاجِرِينَ دُورَهُمْ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ يُوَرَّثَ دُورَ الْمُهَاجِرِينَ نِسَاؤُهُمْ وَأَنَّ زَيْنَبَ زَوْجَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرِثَتْهُ دَارَهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَارٌ سِوَاهَا وَالْعَارِيَةُ لَا تُوَرَّثُ (وَهِيَ) أَيْ: تِلْكَ الدُّورُ أَوِ الْقِطْعَةُ (بَيْنَ ظَهْرَانَيْ عِمَارَةِ الْأَنْصَارِ) أَصْلُهُ ظَهْرَيْ عِمَارَتِكُمْ فَزِيدَتِ الْأَلِفُ وَالنُّونُ الْمَفْتُوحَةُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى بَيْنَهَا وَوَسَطَهَا (مِنَ الْمَنَازِلِ وَالنَّخْلِ) بَيَانٌ لِلدُّورِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَوَاتَ الْمَحْفُوفَةَ بِالْعِمَارَاتِ يَجُوزُ إِقْطَاعُهَا لِلْإِحْيَاءِ (قَالَ بَنُو عَبْدِ بْنِ زُهْرَةَ) بِضَمِّ زَاءٍ وَسُكُونِ هَاءٍ وَهُمْ حَيٌّ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ مِنْهُمْ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ (نَكِّبْ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ أَيِ ابْعَدْ وَاصْرِفْ (عَنَّا) قَالَ تَعَالَى {عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: ٧٤] أَيْ عَادِلُونَ عَنِ الْقَصْدِ (ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) أَيْ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ اسْتِهَانَةً بِقُرْبِهِ وَسَآمَةً، وَسَأَلُوا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا أَقْطَعَهُ (قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِمَ) أَيْ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ (ابْتَعَثَنِي اللَّهُ) افْتِعَالٌ مِنَ الْبَعْثِ أَيْ أَرْسَلَنِي اللَّهُ (إِذًا) بِالتَّنْوِينِ أَيْ إِذَا لَمْ أُسَوِّ بَيْنَ الضَّعِيفِ وَالْقَوِيِّ فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ ضَعِيفٌ، قَالَ الْقَاضِيَ: " وَإِنَّمَا بَعَثَنِي اللَّهُ لِإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ فَإِذَا كَانَ قَوْمِي يَذُبُّونَ الضَّعِيفَ عَنْ حَقِّهِ وَيَمْنَعُونَهُ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي ابْتِعَاثِي (إِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً) أَيْ: لَا يُطَهِّرُهَا وَلَا يُزَكِّيهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْعُيُوبِ (لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ) أَيْ: فِيمَا بَيْنَهُمْ (حَقَّهُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute