للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٢٣ - عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيُجْزِ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ كَتَمَ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ تَحَلَّى بِمَا لَمْ يُعْطَ كَانَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٣٠٢٣ - (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أُعْطِيَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَطَاءً) : مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ عَطِيَّةً وَفِي رِوَايَةٍ شَيْئًا فَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ (فَوَجَدَ) أَيْ: سَعَةً مَالِيَّةً (فَلْيُجْزِ) بِسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ: فَلْيُكَافِئْ (بِهِ) أَيْ: بِالْعَطَاءِ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ: سِعَةً مِنَ الْمَالِ (فَلْيُثْنِ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ بِهِ أَيْ: فَلْيَمْدَحْهُ أَوْ فَلْيَدْعُ لَهُ (فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى) وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنْ أَثْنَى بِهِ (فَقَدْ شَكَرَ) وَفِي رِوَايَةٍ شَكَرَهُ أَيْ: جَازَاهُ فِي الْجُمْلَةِ (وَمَنْ كَتَمَ) أَيِ: النِّعْمَةَ بِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ بِالْعَطَاءِ أَوِ الْمَجَازِ اه بِالثَّنَاءِ (قَدْ كَفَرَ) أَيِ: النِّعْمَةَ مِنَ الْكُفْرَانِ أَيْ: تَرَكَ أَدَاءَ حَقِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ: وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ (وَمَنْ تَحَلَّى) أَيْ: تَزَيَّنَ وَتَلَبَّسَ (بِمَا لَمْ يُعْطَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ (كَانَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنَّهُ كَلَابِسِ زُورٍ أَيْ: كَمَنْ كَذَبَ كَذِبَيْنِ أَوْ أَظْهَرَ شَيْئَيْنِ كَاذِبَيْنِ، قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ضَرَّةً فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ بِمَا لَمْ يُعْطِنِي زَوْجِي» أَيْ: أُظْهِرُ الشِّبَعَ، فَأَحَدُ الْكَذِبَيْنِ قَوْلُهَا أَعْطَانِي زَوْجِي وَالثَّانِي إِظْهَارُهَا أَنَّ زَوْجِي يُحِبُّنِي أَشَدَّ مِنْ ضَرَّتِي، قَالَ الْخَطَابِيُّ: " كَانَ رَجُلٌ فِي الْعَرَبِ يَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْمَعَارِفِ لِيَظُنَّهُ النَّاسُ أَنَّهُ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ مُحْتَرَمٌ لِأَنَّ الْمَعَارِيفَ لَا يَكْذِبُونَ فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى قَوْلِهِ وَشَهَادَتِهِ عَلَى الزُّورِ لِأَجْلِ تَشْبِيهِ نَفْسِهِ بِالصَّادِقِينَ، وَكَانَتْ ثَوْبَاهُ سَبَبَ زُورِهِ فَسُمِّيَا ثَوْبَ زُورٍ أَوْ لِأَنَّهُمْ لُبِسَا لِأَجْلِهِ وَثُنِّيَ بِاعْتِبَارِ الرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ فَشَبَّهَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ "، وَفِي النِّهَايَةِ: " الْحُلِيُّ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْمُرَائِي يَلْبَسُ ثِيَابَ الزُّهَّادِ وَيَرَى أَنَّهُ زَاهِدٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ يَلْبَسَ قَمِيصًا يَصِلُ بِكُمَّيْهِ كُمَّيْنِ آخَرَيْنِ يَرَى أَنَّهُ لَابِسُ قَمِيصَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَسْخَرُ مِنْ نَفْسِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَاذِبِ الْقَائِلِ مَا لَمْ يَكُنْ، وَقِيلَ: إِنَّمَا شَبَّهَ بِالثَّوْبَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَحَلِّي كَذَبَ كَذِبَيْنِ فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَةٍ لَيْسَتْ فِيهِ وَوَصَفَ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ خَصَّهُ بِصِلَةٍ فَجَمَعَ بِهَذَا الْقَوْلِ بَيْنَ كَذِبَيْنِ، أَقُولُ: وَكَذَا الْقَوْلُ تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِسَبَبِ وُرُودِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعْطَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ كَانَ مُزَوِّرًا مَرَّتَيْنِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>