للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بَابُ اللُّقَطَةِ)

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

٣٠٣٣ - عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ: «عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ اسْتَنْفِقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» .

ــ

(بَابُ اللُّقَطَةِ)

بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَيُسَكَّنُ. فِي الْمُغْرِبِ: اللُّقْطَةُ الشَّيْءُ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَلَمْ أَسْمَعِ اللُّقْطَةَ بِالسُّكُونِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّرُوحِ مِنْ عُلَمَائِنَا: هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ الْمَالُ الْمَلْقُوطُ مَنْ لَقَطَ الشَّيْءَ وَالْتَقَطَهُ أَخَذَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ الْخَلِيلُ: اللُّقَطَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمُلْتَقَطِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَأَمَّا اسْمُ الْمَالِ الْمَلْقُوطِ فَبِسُكُونِ الْقَافِ.

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

٣٠٣٣ - (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ (قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ) أَيْ: عَنْ حُكْمِهَا إِذَا وَجَدَهَا (فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ: وِعَاءَهَا (وَوِكَاءَهَا) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ: مَا تُشَدُّ بِهِ. فِي الْفَائِقِ: الْعِفَاصُ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ اللُّقَطَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي النِّهَايَةِ: الْوِكَاءُ هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الصُّرَّةُ وَالْكِيسُ وَنَحْوُهُمَا، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا أَمَرَ بِمَعْرِفَتِهَا لِيَعْلَمَ صِدْقَ وَكَذِبَ مَنْ يَدَّعِيهَا، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا فِي أَنَّهُ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى اللُّقْطَةَ وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا هَلْ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ إِذْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَالْوِكَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إِذَا عَرَّفَ الرَّجُلُ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَإِلَّا فَبَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِي الصِّفَةِ بِأَنْ يَسْمَعَ الْمُلْتَقِطَ يَصِفُهَا فَعَلَى هَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ اخْتِلَاطًا لَا يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ إِذَا جَاءَ مَالِكُهَا (ثُمَّ عَرِّفْهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ (سَنَةً) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: ظَاهِرُ الْأَمْرِ بِتَعْرِيفِهَا سَنَةً يَقْتَضِي تَكْرِيرَ التَّعْرِيفِ عُرْفًا وَعَادَةً وَإِنْ كَانَ ظَرْفِيَّةُ السَّنَةِ لِلتَّعْرِيفِ يَصْدُقُ بِوُقُوعِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ كُلَّمَا وَجَدَ مَظَنَّةً. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فَفِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ يُعَرِّفُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَمَرَّةً فِي آخِرِهِ، وَفِي الْأُسْبُوعِ الثَّانِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً، وَقَدَّرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ بِالْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَخْذًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ التَّقَادِيرِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَأَنَّ تَفْوِيضَ التَّقْدِيرِ إِلَى رَأْيِ الْآخِذِ لِإِطْلَاقٍ خَبَرِ مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللُّقْطَةِ: " «عَرِّفْهَا فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهِ إِيَّاهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا» " وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّنَةِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِ اللُّقَطَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا كَانَتْ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ تَكُونَ اللُّقْطَةُ كَذَلِكَ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا) شَرْطٌ حُذِفَ جَزَاؤُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ: فَرُدَّهَا إِلَيْهِ أَوْ فَبِهَا وَنِعْمَتْ أَوْ أَخَذَهَا (وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا (فَشَأْنُكَ بِهَا) بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَتُبْدَلُ الْفَاءُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ يُقَالُ: شَأَنْتُ شَأْنَهُ أَيْ: قَصَدْتُ قَصْدَهُ وَاشْأَنْ شَأْنَكَ أَيِ اعْمَلْ بِمَا تُحْسِنُهُ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقِيلَ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيْ: خُذْ شَأْنَكَ أَيْ: فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ وَنَحْوِهَا وَالْحَاصِلُ إِنْ كُنْتَ مُحْتَاجًا فَانْتَفَعَ بِهَا وَإِلَّا فَتَصَدَّقَ بِهَا. قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً وَعَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَظْهَرْ صَاحِبُهَا كَانَ لَهُ تَمَلُّكُهَا سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِهَا الْغَنِيُّ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا يَتَمَلَّكُهَا. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا جِيءَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: " وَجَدْتُ صُرَّةً " إِلَى قَوْلِهِ: " فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا " وَكَانَ أُبَيٌّ مِنْ مَيَاسِيرِ الْأَنْصَارِ (قَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ (فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ: غَاوِيَتُهَا أَوْ مَتْرُوكَتُهَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: مَا حُكْمُهَا (قَالَ: هِيَ لَكَ) أَيْ: إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>