يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعْرِيفِ وَلَا عَلَى عَدَمِ التَّوَقُّفِ قَدْرَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ فَإِنَّ الْفَاءَ قَدْ تَأْتِي لِمُجَرَّدِ الْبَعْدِيَّةِ فَتُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْقِيبِ فَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ: تَزَوَّجَ فُلَانٌ فَوُلِدَ لَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا مُدَّةُ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً مُتَطَاوِلَةً وَقَالَ تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: ٦٣] فَمَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مِنْ قَوْلِهِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُعَرَّفُ مَحَلُّ بَحْثٍ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِمْسَاكِهِ وَتَعْرِيفِهِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ إِذَا كَانَتْ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ اه وَهُوَ خِلَافُ الْمَحْفُوظِ مِنَ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الدِّينَارَ مِمَّا لَا يُسَمَّ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُجِبُ تَعْرِيفُهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِيخَانْ وَغَيْرُهُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَقَالَ الْأَشْرَفُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَنِيَّ لَهُ التَّمَلُّكُ كَالْفَقِيرِ وَعَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ تَحِلُّ عَلَى مَنْ لَا تَحِلُّ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ غَنِيًّا بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ اه وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ وَأَخْطَأَ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ الْغَنِيَّ لَا يَتَمَلَّكُ اللُّقَطَةَ عَلَى أَنَّ فِي كَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِيًّا بِالْفَيْءِ مَحَلَّ بِحَثٍّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَنِيِّ هَذَا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِنِصَابٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا (فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: مُدَّةٍ (أَتَتِ امْرَأَةٌ تَنْشُدُ الدِّينَارَ) بِضَمِّ الشِّينِ أَيْ: تَطْلُبُهُ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا عَلِيُّ أَدِّ الدِّينَارَ) أَيْ: أَعْطِهَا إِيَّاهُ. فِيهِ وُجُوبُ بَذْلِ الْبَدَلِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إِلَى مَالِكِهَا مَتَى ظَهَرَ، قَالَهُ الْأَشْرَفُ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَرْضَ بِثَوَابِ التَّصَدُّقِ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute