٣٠٥٩ - وَعَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: «سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ. فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي. فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ. فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٣٠٥٩ - (عَنْ هُزَيْلٍ) تَصْغِيرُ هَزْلٍ بِالزَّايِ ضِدُّ الْجِدِّ (ابْنُ شُرْحَبِيلَ) بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ رَاءٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَتَرْكِ صَرْفٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَفِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ: بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ عَجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ وَقَدْ تُصَحَّفُ بِهُذَيْلٍ بِالذَّالِ وَهُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ الْأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ الْأَعْمَى سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ (قَالَ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى) أَيِ: الْأَشْعَرِيُّ (عَنِ ابْنَةٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ. فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: ١١] (لِلْأُخْتِ النِّصْفُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] وَفِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الْبِنْتَ فَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ هَذَا أَوْ أَرَادَ أَنَّ الْوَلَدَ مُخْتَصٌّ بِالذَّكَرِ أَوْ قَالَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ عَلَى جِهَةِ التَّعْصِيبِ (وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّي أَوْ لِمَا قِيلَ: عِلْمَانِ خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ (فَسَيُتَابِعُنِي) أَيْ: يُوَافِقُنِي (فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ) أَيْ: عَنِ الْمَسْأَلَةِ (وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى) أَيْ: فِي جَوَابِهَا (فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا) أَيْ: إِنْ وَافَقْتُهُ فِي هَذَا الْجَوَابِ (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أَيْ: حِينَئِذٍ إِلَى صَوَابٍ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَهَذَا مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الِاقْتِبَاسِ (أَقْضِي فِيهَا) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَةِ (بِمَا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ -) أَيْ: فِي مِثْلِهَا (لِلْبِنْتِ النِّصْفُ) أَيْ: لِمَا سَبَقَ (وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي (تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ) بِالْإِضَافَةِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَيْ: لِتَكْمِيلِ الثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِمَّا مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِأَنَّكَ إِذَا أَضَفْتَ السُّدُسَ إِلَى النِّصْفِ فَقَدْ كَمَّلْتَهُ ثُلُثَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُؤَكَّدَةً (وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ) أَيْ: لِكَوْنِهَا عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ، وَبَيَانُهُ أَنَّ حَقَّ الْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ أَخَذَتِ الصُّلْبِيَّةُ الْمُوَحَّدَةُ النِّصْفَ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ فَبَقِيَ سُدُسٌ مِنْ حَقِّ الْبَنَاتِ فَتَأْخُذُهُ بَنَاتُ الِابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ مُتَعَدِّدَةً، وَمَا بَقِيَ مِنَ التَّرِكَةِ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ، فَبَنَاتُ الِابْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْفُرُوضِ مَعَ الْوَاحِدَةِ مِنَ الصُّلْبِيَّاتِ كَذَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ الْفَرَائِضِ (فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي) بِتَخْفِيفِ النُّونِ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّ لَا نَاهِيَةٌ (مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ) أَيِ: الْعَالِمُ (فِيكُمْ) يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، ذَهَبَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ إِلَى تَعْصِيبِ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَعْصِيبَ لَهُنَّ مَعَ الْبَنَاتِ، وَحَكَمَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَتْ بِنْتٌ وَأُخْتٌ بِأَنَّ النِّصْفَ لِلْبِنْتِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: لِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ. فَغَضِبَ وَقَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ؟ يُرِيدُ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] فَقَدْ جَعَلَ الْوَلَدَ حَاجِبًا لِلْأُخْتِ وَلَفْظُ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ هُنَا هُوَ الذَّكَرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] أَيِ: ابْنٌ بِالِاتِّفَاقِ ; لِأَنَّ الْأَخَ يَرِثُ مَعَ الِابْنَةِ وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ هُزَيْلٍ فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةً (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute