٣٠٧٧ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، قَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبِي أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ، وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأَعْتِقُ عَنْهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتَهُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتَمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتَمْ عَنْهُ، بَلَغَهُ ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٠٧٧ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ) أَيْ: عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ: يَعْنِي أَبَاهُ وَهُوَ سَهْمِيٌّ قُرَشِيٌّ، أَدْرَكَ زَمَنَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُسْلِمْ. ( «أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ» ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يَعْتِقُ وَرَثَتُهُ عَنْ قِبَلِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِائَةَ عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ ( «فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ» ) كَانَ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ بِمَكَّةَ وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ حِينَ بَلَغَهُ مُهَاجِرَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَبَسَهُ أَبُوهُ وَقَوْمُهُ بِمَكَّةَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْخَنْدَقِ، كَانَ حَبْرًا فَاضِلًا، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَخِيهِ، وَقُتِلَ بِالْيَرْمُوكِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ. (خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُ عَمْرٍو) قَالَ الْمُؤَلِّفُ: " أَسْلَمَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ، قَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا، وَوَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُمَانَ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمِلَ لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مِصْرَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يَزَلْ عَامِلًا لَهُ عَلَيْهَا إِلَى آخَرَ وَفَاتَهُ، وَأَقَرَّهُ عُثْمَانُ عَلَيْهَا نَحَوَا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَعَزَلَهُ، ثُمَّ أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا مُعَاوِيَةُ لَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ، فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَلَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَوَلِيَ مِصْرَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ عَزَلَهُ مُعَاوِيَةُ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ قَصَدَ (أَنْ يَحِيقَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِيهِ (الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ قَالَ) يْ: فِي نَفْسِهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأَصْحَابِهِ (حَتَّى) أَيْ: لَا أُعْتِقُ حَتَّى (أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ فَأُعْتِقَ عَنْهُ أَمْ لَا؟ ( «فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبِي أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ» ) أَيْ: رَقَبَةٌ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى وَصِيَّتِهِ (خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَاعْتِقَ عَنْهُ) أَيْ: أَتُجِيزُهُ فَأُعْتِقَ؟ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهُ ") يَعْنِي لَا. فَاكْتَفَى بِالدَّلِيلِ عَلَى الْمَدْلُولِ أَيْ بِدَلِيلِ إِنَّهُ ( «لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأُعْتِقُ عَنْهُ» ) أَيْ: أَيْهَا الْوَرَثَةُ أَوْ أَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَالْعُدُولُ عَنِ الْمُفْرَدِ إِلَى الْجَمْعِ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ ( «أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ، أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ، بَلَغَهُ ذَلِكَ» ) أَيْ: وَحَيْثُ لَمْ يُسْلِمُ لَمْ يَبْلُغْهُ ثَوَابُهُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، لَكِنَّ الْإِعْتَاقَ يَرْجِعُ ثَوَابُهُ إِلَى مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَهَذِهِ النُّكْتَةُ بَاعِثَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ " لَا " فِي الْجَوَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute