٣٠٩٩ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٠٩٩ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ) قِيلَ: " لَا " نَافِيَةٌ بِمَعْنَى النَّاهِيَةِ، وَقِيلَ: نَاهِيَةٌ، وَالْمُبَاشِرَةُ بِمَعْنَى الْمُخَالَطَةِ وَالْمُلَامَسَةِ، وَأَصْلُهُ مِنْ لَمْسِ الْبَشَرَةِ الْبَشَرَةَ، وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ جِلْدِ الْإِنْسَانِ أَيْ: لَا تَمَسُّ بَشَرَةُ امْرَأَةٍ بَشَرَةَ أُخْرَى (فَتَنْعَتُهَا) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ أَيْ: فَتَصِفُ نُعُومَةَ بَدَنِهَا وَلِينَةَ جَسَدِهَا (لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) فَيَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِهَا، وَيَقَعُ بِذَلِكَ فِتْنَةٌ، وَالْمَنْهِيُّ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْمَعْنِيُّ بِهِ فِي الْحَدِيثِ النَّظَرُ مَعَ الْمَسِّ، فَتَنْظُرُ إِلَى ظَاهِرِهَا مِنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَتَجِسُّ بَاطِنَهَا بِاللَّمْسِ، وَتَقِفُ عَلَى نُعُومَتِهَا وَسِمَنِهَا فَتَنْعَتُهَا عَطْفٌ عَلَى تُبَاشِرُ، فَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَيْهِمَا، فَتَجُوزُ الْمُبَاشَرَةُ بِغَيْرِ التَّوْصِيفِ. فِي شَرْحِ الْأَكْمَلِ: قَدِ اسْتَدَلَّ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ وَصْفَ الشَّيْءِ يَجْعَلُهُ كَالْمُعَايَنَةِ، فَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ كَالْمَحْسُوسِ الْمُشَاهَدِ حَالَ الْبَيْعِ، وَمَا أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَقُولُ: إِنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَصْفَهُ الشَّيْءَ يَجْعَلُهُ كَالْمُعَايَنَةِ فِيمَا هُوَ مَنْظُورٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَعَدَمُ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْحَيَوَانَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَوْصَافٍ بَاطِنِيَّةٍ لَا يُطْلَعُ عَلَيْهَا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ فَكَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَقَالَ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ اه. وَلَعَلَّ مُسَلِمًا رَوَاهُ بِلَفْظٍ آخَرَ يُوَافِقُهُ فِي مَعْنَاهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute