الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٣١٥٧ - «عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ فَقُلْنَا: أَلَا نَخْتَصِي فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ فَكَانَ أَحَدُنَا يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] » . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)
٣١٥٧ - (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَغْزُو) أَيْ: نُجَاهِدُ الْكُفَّارَ وَنُقَاتِلُهُمْ (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ) أَيْ: وَنَحْنُ نَشْتَهِيهِنَّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ شَجَاعَتِهِمْ وَرُجُولِيَّتِهِمْ وَقُوَّةِ قُلُوبِهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ (فَقُلْنَا: أَلَا نَخْتَصِي) أَيْ: حَتَّى نَتَخَلَّصَ مِنْ شَهْوَةِ النَّفْسِ وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ (فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: الِاخْتِصَاءِ (ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ) أَيْ: نَفْعَلُ الْمُتْعَةَ بِالنِّسَاءِ (فَإِنَّ أَحَدَنَا يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ) أَيْ: مُسَمًّى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَنْكِحُ يَتَمَتَّعُ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ فَالْأَوَّلُ اتَّفَقُوا عَلَى بُطْلَانِهِ، وَكَذَا الثَّانِي عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ زُفَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: " أَمَّا لَوْ تَزَوَّجَ وَفِي نِيَّتِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ نَوَاهَا فَلَا بَأْسَ وَلَا بَأْسَ بِتَزَوُّجِ النَّهَارِيَّاتِ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ " اه، وَاللَّيْلِيَّاتُ بِالْجَوَازِ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى (ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتُهَا كَابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّهُ رَجَعَ لِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَلَعَلَّهُ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوِ اسْتَمَرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّصُّ " اه، أَوْ يَقُولُ بِأَنَّهَا رُخْصَةٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْآخَرِ كَمَا سَبَقَ عَنْهُ وَكَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute