وَسَلَّمَ، كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ وَاتَّفَقَ فِي مَخْرِجِهَا مَا اتَّفَقَ مِنْ هَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَكَادُ أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ اثْنَانِ وَبِهِ نَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّدَّ كَانَ عَلَى نِكَاحٍ جَدِيدٍ كَمَا هُوَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَوَجَبَ تَأْوِيلُ رِوَايَةٍ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرْنَا وَاعْلَمْ أَنَّ بَنَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَتَّصِفْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ قَبْلَ الْبَعْثَةِ بِكُفْرٍ لِيُقَالَ آمَنَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً، فَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ قَطُّ نَبِيًّا أَشْرَكَ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، فَلَزِمَ أَنَّهُنَّ لَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُنَّ قَطُّ إِلَّا مُسْلِمَةً، نَعَمْ قَبْلَ الْبَعْثَةِ كَانَ الْإِسْلَامُ اتِّبَاعَ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْ حَيْثُ وَقَعَتِ الْبِعْثَةُ لَا يَثْبُتُ الْكُفْرُ إِلَّا بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بَعْدَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ وَمِنْ أَوَّلِ ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَوْلَادِهِ لَمْ تَتَوَقَّفْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَأَمَّا سَبَايَا أَوَطَاسٍ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ سُبِينَ وَحْدَهُنَّ، وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ تُفِيدُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «أَصَبْنَا سَبَايَا أَوَطَاسٍ وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي قَوْمِهِنَّ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] » وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فَالْجَوَابُ: مَنْعُ وُجُودِ التَّبَايُنِ لِأَنَّ الْمُدَّعَيَ عَلَيْهِ مِنْهُ هُوَ التَّبَايُنُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهُوَ يَصِيرُ الْكَائِنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ حَتَّى يُعْتَقَ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَيُقَسَّمَ مِيرَاثُهُ وَالْكَائِنُ فِي دَارِنَا مَمْنُوعٌ مِنَ الرُّجُوعِ، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي الْمُسْتَأْمَنِ فَإِذَا كَانَ فَإِذَا كَافَأْنَا مَا ذَكَرَ بَقِيَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى اللَّازِمِ لِلتَّبَايُنِ الْمُوجِبِ لِلْفُرْقَةِ عَالِمًا مِنَ الْمُعَارِضِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَدَلِيلُ السَّمْعِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] إِلَى قَوْلِهِ {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] وَقَدْ أَفَادَ مِنْ ثَلَاثِ نُصُوصٍ عَلَى وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَمِنْ وَجْهٍ اقْتِضَائِيٍ وَهُوَ {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] (رَوَاهُ مَالِكٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِمَّا رُوِيَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ لَكِنَّ دَأْبَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْسُبُ الْحَدِيثَ إِلَى شَرْحِ السُّنَّةِ إِذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُخْرِجِينَ أَسْنَدَهُ ; فَالْأَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ مِنْهُنَّ إِلَخْ وَهَذَا أَقْرَبُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أَيْ: الزُّهْرِيِّ (مُرْسَلًا) أَيْ: بِحَذْفِ الصَّحَابَةِ قِيلَ فَلَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِكْرِمَةَ وَوَثَبَ إِلَيْهِ فِرَحًا وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ عَلَى أَنْ بَايَعَهُ وَفِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لِمِيرَكِ شَاهْ قَدْ قَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ كَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَعَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute