للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكَ» ) : فِي النِّهَايَةِ اشْتَقُّوا فَعَّلَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ، فَمَعْنَى سَبَّعَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَثَلَّثَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا (وَدُرْتُ) : أَيْ: بِالثَّلَاثِ بَيْنَ الْبَقِيَّةِ. فِي الْهِدَايَةِ: مِقْدَارُ الدَّوْرِ إِلَى الزَّوْجِ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقِهَا، إِنْ شَاءَ يَوْمًا يَوْمًا وَإِنْ شَاءَ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَأَظُنُّ أَنَّ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ مُضَارَّةٌ، إِلَّا أَنْ تَرْضَيَا بِهِ، وَقِيلَ خَيَّرَهَا بَيْنَ الثَّلَاثِ وَلَا قَضَاءَ لِغَيْرِهَا وَبَيْنَ السَّبْعِ وَيَقْضِي لِبَقِيَّةِ أَزْوَاجِهِ، وَقِيلَ خَيَّرَهَا الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ سَبَّعْتُ لَكِ بَعْدَ التَّثْلِيثِ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ " قَالَتْ: ثَلِّثْ " وَإِنَّمَا اخْتَارَتِ الثَّلَاثَ لِقُرْبِ رُجُوعِهِ إِلَيْهَا لِأَنَّ فِي قَضَاءِ السَّبْعِ لِغَيْرِهَا طُولَ مَغِيبِهِ عَنْهَا قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: لَا شَرِكَةَ لِبَقِيَّةِ الْأَزْوَاجِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْنِي السَّبْعَ أَوِ الثَّلَاثَ فَيَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: لِبَقِيَّةِ الْأَزْوَاجِ اسْتِيفَاءُ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّلَاثُ لِلثَّيِّبِ لَمْ يَكُنْ لِبَاقِي الْأَزْوَاجِ التَّسْبِيعُ بَلِ التَّرْبِيعُ؛ لَأَنَّ الثَّلَاثَ حَقُّ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ اخْتِيَارَهَا وَطَلَبَهَا لِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهَا أَسْقَطَ اخْتِصَاصَهَا بِمَا هُوَ حَقُّهَا، وَيُوَضِّحُهُ مَا قَالَهُ التُّورِبِشْتِيُّ، قَالَ: السُّنَّةُ فِي الْبِكْرِ التَّسْبِيعُ وَفِي الثَّيِّبِ التَّثْلِيثُ وَالنَّظَرُ فِيهِ إِلَى حُصُولِ الْأُلْفَةِ وَوُقُوعِ الْمُؤَانَسَةِ بِلُزُومِ الصِّحَّةِ، وَفُضِّلَتِ الْبِكْرُ بِالزِّيَادَةِ لِيَنْفِيَ نِفَارَهَا وَيُسَكِّنَ رَوْعَهَا، إِذْ هِيَ حَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالرَّجُلِ، حَقِيقَةٌ بِالْإِبَاءِ وَالِاسْتِعْصَاءِ، وَلَمَّا أَرَادَ إِكْرَامَ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَ أَنْ لَا هَوَانَ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا يَعْنِي نَفْسَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ مَنْزِلَةَ الْأَبْكَارِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ بِسَبَبِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، أَيْ ذُلٌّ إِذْ لَيْسَ اقْتِصَارِي عَلَى الثَّلَاثِ لِإِعْرَاضٍ عَنْكِ وَعَدَمِ رَغْبَةِ فِي مُصَاحَبَتِكِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْإِهَانَةِ عَلَيَّ، فَإِنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ النِّسَاءِ وَعَدَمَ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِنَّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِأَهْلِهَا، بَلْ لِأَنَّ حَقَّكَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ، فَمَنْ يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَالْقَدِيمَةِ يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ سَلَمَةَ: " «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكَ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ» " وَيَقُولُ لَوْ كَانَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِ الثَّيِّبِ مُسَلَّمَةً لَهَا مُخَلَّصَةً عَنِ الِاشْتِرَاكِ، لَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعًا أَرْبَعًا؛ لِكَوْنِ الثَّلَاثَةِ حَقًّا لَهَا، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ فِي السَّبْعِ عَلَى مَا ذَكَرَ عُلِمَ إِنَّهُ فِي الثَّلَاثِ كَذَلِكَ، وَمَنْ يُسَوِّي تَفْضِيلَ الثَّيِّبِ بِالثَّلَاثِ وَالْبِكْرِ بِالسَّبْعِ يَقُولُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّسْبِيعِ بِطَلَبِ الثَّيِّبِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ وَلَمَّا كَانَ طَلَبُهَا أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا أَسْقَطَ اخْتِصَاصَهَا بِمَا كَانَ حَقًّا مَخْصُوصًا بِهِ. (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِمَنْ لَهُ زَوْجَاتٌ غَيْرَ الْجَدِيدَةِ أَمْ لَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَقُّ الْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الزِّفَافِ سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَمْ لَا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>