للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّى أَبْصَرْتُ (وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَهَلَّلُ) أَيْ: يَسْتَنِيرُ وَيَظْهَرُ عَلَيْهِ أَمَارَاتُ السُّرُورِ (كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ) : بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، بَعْدَهُ مُوَحَّدَةٌ، فِي مَا مُوِّهَ بِالذَّهَبِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَالنُّونِ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الدُّهْمَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: صَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: مُدْهُنَةٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبِالنُّونِ، وَكَذَا ضَبَطَهُ الْحُمَيْدِيُّ، وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الصَّفَاءُ وَالِاسْتِنَارَةُ، كَذَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً» ) أَيْ: أَتَى بِطَرِيقَةٍ مَرْضِيَّةٍ يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا (فَلَهُ أَجْرُهَا) أَيْ: أَجْرُ تِلْكَ السُّنَّةِ، أَيْ: ثَوَابُ الْعَمَلِ بِهَا. وَفِي نُسْخَةٍ: أَجْرُهُ، أَيْ: أَجْرُ مَنْ سَنَّ، يَعْنِي أَجْرَ عَمَلِهِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: فَلَهُ أَجْرُهَا، وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ رِوَايَةً وَمَعْنًى إِنَّمَا الصَّوَابُ أَجْرُهُ، وَالضَّمِيرُ لِصَاحِبِ الطَّرِيقَةِ، أَيْ: لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِسُنَّتِهِ، وَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى السُّنَّةِ. (وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ رُوَاةِ الْكِتَابَيْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فِي شَيْءٍ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُورِدْهُ الْبُخَارِيُّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ، وَوُجِدَ فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ: أَجْرُهَا. وَعَلَى هَذَا شَرْحُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَتِهِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ سَبَبُ ثُبُوتِ الْأَجْرِ فَجَازَتِ الْإِضَافَةُ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ اتِّفَاقُ النُّسَخِ عَلَى وِزْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا) أَيْ: بِتِلْكَ الْحَسَنَةِ (مِنْ بَعْدِهِ) : مِنْ بَيَانِ مِنْ، وَفِي الْمَصَابِيحِ: وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ أَيْ بَعْدَ مَمَاتِ مَنْ سَنَّهَا قُيِّدَ بِهِ لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْرَ يُكْتَبُ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا اهـ.

قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّهُ يُتَوَهَّمُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْأَجْرَ لَا يُكْتَبُ لَهُ وَهُوَ حَيٌّ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ بَعْدِ مَا سَنَّهُ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ) : عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَلَازِمٌ (مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) أَيْ: مِنَ النَّقْصِ (وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً) أَيْ: بِدْعَةً مَذْمُومَةً عَمِلَ بِهَا (كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا) أَيْ: إِثْمُهَا (وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ تَبَعِيَّتِهِ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ) : تَقَدَّمَ (مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) : جَمَعَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى " مِنْ " كَمَا أَفْرَدَ فِي " يَنْقُصَ " بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>