٣٣٢٦ - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنَّمَا نُقِلَتْ فَاطِمَةُ لِطُولِ لِسَانِهَا عَلَى أَحْمَائِهَا. رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
ــ
٣٣٢٦ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) : بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ، بَلْ أَفْضَلِهِمْ (قَالَ: إِنَّمَا نُقِلَتْ فَاطِمَةُ) : أَيْ: عَنْ بَيْتِ زَوْجِهَا (لِطُولِ لِسَانِهَا) : أَيْ: بِأَذِيَّتِهَا (عَلَى أَحِمَائِهَا) : أَيْ: أَقَارِبِ زَوْجِهَا (رَوَاهُ) : أَيْ: صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ) : أَيْ: بِإِسْنَادِهِ. فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْهُمَامِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا نَفَقَةَ لِلْمَبْتُوتَةِ وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، وَالْمُخْتَلِعَةِ إِذَا لَا بَيْنُونَةَ عِنْدَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَإِنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدَهُ، وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَوَاهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِلَى آخِرِهِ قَالَ: وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَقَالَ فِيهِ: لَا نَفَقَةَ لَكَ وَلَا سُكْنَى، وَرَوَاهُ أَيْضًا وَقَالَ فِيهِ: إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مَنْ تَطْلِيقِهَا، وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ رِوَايَةُ الثَّلَاثِ عَلَى أَنَّهُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً هِيَ تَمَامُ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَعِيَاشُ بْنُ رَبِيعَةَ بِنَفَقَةٍ فَسَخِطَتْهَا فَقَالَا: وَاللَّهِ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ لَهُ قَوْلَهُمَا فَقَالَ: " لَا نَفَقَةَ لَكِ ". زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ عَقِيبَ قَوْلِ عِيَاشِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: وَلَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ: نَسَبَهُ إِلَى مُسْلِمٍ، لَكِنَّ الْحَقَّ مَا عَلِمْتَ فِيهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: لَهَا أَهْلُهُ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ.» . . الْحَدِيثَ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ عَدَمُ طَعْنِ السَّلَفِ فِيهِ، وَعَدَمُ الِاضْطِرَابِ، وَعَدَمُ مُعَارِضٍ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ، وَالْمُتَحَقِّقُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضِدَّ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَمَّا طَعْنُ السَّلَفِ فَقَدْ طَعَنَ فِيهِ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ مِمَّا سَنُذْكُرُهُ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِمُ الطَّعْنُ بِسَبَبِ كَوْنِ الرَّاوِي امْرَأَةً، وَلَا كَوْنَ الرَّاوِي أَعْرَابِيًّا، فَقَدْ قَبِلُوا حَدِيثَ فُرْيَعَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ فِي اعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، مَعَ أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ بِخِلَافِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَإِنَّهَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ وَتُخْبِرُ الرِّجَالَ أَنَّهَا حَفِظَتْهُ مَعَ طُولِهِ وَوَعَتْهُ وَأَدَّتْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا مِنَ الْفِقْهِ مَا أَفَادَ عِلْمًا وَجَلَالَةَ قَدْرٍ، وَهُوَ مَا رُوِيَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: مِنْ أَنَّ مَرْوَانَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا قَبِيصَةَ بْنَ أَبِي ذُؤَيْبٍ لِيَسْأَلَهَا عَنِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ مَرْوَانٌ: لَمْ يُسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنَ امْرَأَةٍ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] قَالَتْ: هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَيْفَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَعَلَامَ تَحْبِسُونَهَا، وَقِيلَ رَدَّ عُمَرُ خَبَرَ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ وَحْدَهُ وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ، فَجَزَمْنَا أَنَّ رَدَّ عُمَرَ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِهَا لَيْسَ إِلَّا لِمَا عَلِمُوهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَالِفًا لَهُ، وَقَدِ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ السَّلَفِ إِلَى أَنْ رَوَتْ فَاطِمَةُ هَذَا الْخَبَرَ، مَعَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَدَّهُ صَرَّحَ بِالرِّوَايَةِ بِخِلَافِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ، فَأَخَذَ الْأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَحَصَبَهُ بِهِ، وَقَالَ: وَيْلَكَ! تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا. قَالَ عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا بِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي حَفِظَتْ أَمْ نُسِبَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute