للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شَيْءٌ فَلَا نَفَقَةَ لَكِ عَلَى أَحَدٍ بِالضَّرُورَةِ، فَلَمْ تَفْهَمْ هِيَ الْغَرَضَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَجَعَلَتْ تَرْوِي نَفْيَ النَّفَقَةِ مُطْلَقًا، فَوَقَعَ إِنْكَارُ النَّاسِ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ مَا نَظَرَتْ بِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ: وَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجْدِكُمْ، وَبِهِ جَاءَتْ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَسِّرَةً لَهُ، وَهَذِهِ الْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي الْبَوَائِنِ بِدَلِيلِ الْمَعْطُوفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَقِيبَهُ: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَلَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْمُطَلَّقَاتِ أَوْ فِي الْمُرَاجَعَاتِ كَانَ التَّقْدِيرُ: أَسْكِنُوا الزَّوْجَاتِ أَوِ الرَّجْعِيَّاتِ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وْجْدِكُمْ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ، مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِجَعْلِ غَايَةِ إِيجَابِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إِلَى الْوَضْعِ، فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لَهُمَا مُطْلَقًا حَامِلًا كَانَتْ أَوْ لَا. وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَوْ لَا. بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتْ فِي الْبَوَائِنِ، فَأَفَادَ التَّقْيِيدُ بِالْغَايَةِ دَفْعَ تَوَهُّمِ عَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ الْحَامِلِ فِي تَمَامِ عِدَّةِ الْحَمْلِ لِطُولِهَا، وَالِاقْتِصَارَ عَلَى قَدْرِ ثَلَاثِ حِيَضٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] إِلَى الرَّجْعِيَّاتِ مِنْهُنَّ، وَذِكْرُ حُكْمٍ خَاصٍّ بِبَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ الصَّدْرُ لَا يُبْطِلُ عُمُومَ الصَّدْرِ. تَمَّ كَلَامُ الْمُحَقِّقِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>