وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمِنْ بَابَ طَرِبَ وَمِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تُحِدُّ فَهِيَ مُحِدَّةٌ، وَحَدَّتْ تَحِدُّ فَهِيَ حَادَّةٌ إِذَا حَزِنَتْ عَلَيْهِ، وَلَبِسَتْ ثِيَابَ الْحُزْنِ، وَتَرَكَتِ الزِّينَةَ. وَفِي الْمَشَارِقِ لِعِيَاضٍ: هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا مَعَ ضَمِّ الْحَاءِ، قَالَ: حَدَّتْ وَأَحَدَّتْ حِدَادًا وَإِحْدَادًا إِذَا امْتَنَعَتْ مِنَ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ، وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ، فَالْمَعْنَى أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنَ الزِّينَةِ وَتَتْرُكَ الطِّيبَ.
(عَلَى مَيِّتٍ) : أَيْ: مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ وَغَيْرِهِمَا (فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ) : أَيْ: زِيَادَةً عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (إِلَّا عَلَى زَوْجٍ) : أَيْ: حُرٍّ (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) : قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جُعِلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّ فِيهَا يُنْفَخُ الرُّوحُ فِي الْوَلَدِ وَعَشْرًا لِلِاحْتِيَاطِ، اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ مَا يُوَضِّحُهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: «تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ فَدَعَتْ بِطِيِبٍ فَمَسَحَتْهُ بِذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَالْحَمِيمُ الْقَرَابَةُ، وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَوَقَعَ فِيهِ مُفَسَّرًا هَكَذَا، لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلٌ فِيهِ عَلَى إِيجَابِ الْإِحْدَادِ، لِأَنَّ حَاصِلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ مَنْ نَفْيِ الْحِلِّ فَيُفِيدُ ثُبُوتَ الْحِلِّ، وَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَعَنْ هَذَا ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَلَكِنْ يَحِلُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَعَلَى مَنْ سِوَاهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَأُلْحِقَ الِاسْتِدْلَالُ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَفْصَةَ فِي الصَّحِيحِ، أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: " «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ، بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» " فَإِنَّ فِيهِ تَصْرِيحًا بِالْإِخْبَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute