٣٥١٥ - «وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ عَيْنَيْكَ إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٥١٥ - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَيِ السَّاعِدِيِّ الْأَنْصَارِيِّ) وَكَانَ اسْمُهُ حَزَنًا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلًا (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ) : بِضَمِّ جِيمٍ أَيْ خَرْقٍ كَائِنٍ (فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ: فِي نَفْسِ الْبَابِ أَوْ فِيمَا حَوْلَهُ (وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى) : بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ مُنَوَّنٌ: شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ عَلَى شَكْلِ سِنٍّ مِنْ أَسْنَانِ الْمُشْطِ وَأَطْوَلُ مِنْهُ، يُسَوَّى بِهِ الشَّعْرُ الْمُتَبَلِّدُ، وَيَسْتَعْمِلُهُ مَنْ لَا مُشْطَ لَهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ: هُوَ عُودٌ يُدْخِلُهُ مِنْ لَهُ شَعْرٌ فِي رَأْسِهِ لِيَضُمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وَهُوَ يُشْبِهُ الْمِسَلَّةَ، وَقِيلَ هُوَ حَدِيدَةٌ كَالْخِلَالِ لَهَا رَأْسٌ مُحَدَّدٌ مِنْ عَادَةِ الْكَبِيرِ أَنْ يَحُكَّ بِهَا مَا لَا تَصِلُ إِلَيْهِ يَدُهُ مِنْ جَسَدِهِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَخِيرَ قَوْلُهُ: (يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَعْلَمُ) أَيْ: يَقِينًا (أَنَّكَ تَنْظُرُنِي) : أَيْ: تُطَالِعُ فِيَّ قَصْدًا أَوْ عَمْدًا (لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاطِّلَاعَ مَعَ غَيْرِ قَصْدِ النَّظَرِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَالْمَارِّ (إِنَّمَا جُعِلَ) : أَيْ: شُرِعَ (الِاسْتِئْذَانُ) : بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ (مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ) : أَيْ: مِنَ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَلَوْلَاهُ لَمَا شُرِعَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ: إِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى الِاسْتِئْذَانِ فِي الدُّخُولِ لِئَلَّا يَقَعُ النَّظَرُ مَنْ هُوَ خَارِجٌ إِلَى دَاخِلِ الْبَيْتِ، فَيَكُونُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ كَالدُّخُولِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ جَوَازُ رَمْيِ عَيْنِ الْمُتَطَلِّعِ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ، وَلَوْ فُقِئَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذَا نَظَرَ فِي بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ مَحْرَمٌ لَهُ، كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ هُنَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ إِنَّمَا يُلَائِمُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فَتَأَمَّلْ، وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى إِرَادَةِ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَدِيثَيْنِ، وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَهُمَا عَلَى فَرْضِ الْوُقُوعِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ الدِّيَةَ. وَفِي الثَّانِي الْقِصَاصَ، هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute