فَنَفَى الدِّرَايَةِ عَنْهُ رَأْسًا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّ الشَّيْطَانَ (يَنْزِعُ فِي يَدِهِ) : بِكَسْرِ الزَّايِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: يَجْذِبُهُ حَالَ كَوْنِ السِّلَاحِ فِي يَدِهِ، وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى الشَّيْطَانِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ إِلَى السَّبَبِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَيْ: يَرْمِي بِهِ كَأَنَّهُ يُوقِعُ يَدَهُ لِتَحَقُّقِ إِشَارَتِهِ وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ يَعْنِي مَعَ فَتْحِ الزَّايِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَمَعْنَاهُ يُغْرِيهِ فَيَحْمِلُهُ عَلَى تَحْقِيقِ الضَّرْبِ حِينَ يُشِيرُ بِهِ عِنْدَ اللَّعِبِ وَالْهَزْلِ وَنَزْغُ الشَّيْطَانِ إِغْرَاؤُهُ. قَالَ تَعَالَى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [الأعراف: ٢٠٠] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَطْعَنُ فِي يَدِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَزَعَهُ بِكَلِمَةٍ أَيْ: طَعَنَ فِيهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَزَعَ فِي الْقَوْسِ مَدَّهَا. قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْمِي بِهِ كَائِنًا فِي يَدِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَعَلَى هَذَا فِي يَدِهِ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ الْمُقَدَّرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْجَوْهَرِيِّ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ عَلَى مِنْوَالِ قَوْلِ الشَّاعِرِ: [
يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلِي
] أَيْ: يُوقِعُ نَزْعَةً فِي يَدِ الْمُشِيرِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِمَا أَمْكَنَ مَعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: ١] الْكَشَّافِ: النَّازِعَاتُ أَيْدِي الْغُزَاةِ تَنْزِعُ الْقِسِيَّ بِإِغْرَاقِ السِّهَامِ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: (فَيَقَعُ) : فَصِيحَةٌ أَيْ: يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقْتُلُهُ فَيَسْتَوْجِبُ النَّارَ فَيَقَعُ (فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) : قَالَ الْقَاضِي: يُرِيدُ بِهِ النَّهْيَ عَنِ الْمُلَاعَبَةِ بِالسِّلَاحِ، فَلَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِبَيْنِ فَيَصِيرُ الْهَزْلُ جَدًّا وَاللِّعَابُ حَرْبًا، فَيَضْرِبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيَقْتُلُهُ فَيَدْخُلُ النَّارَ بِقَتْلِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute