الْفَصْلُ الثَّانِي
٣٥٢٦ - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ فَقَدْ أَتَى حَدًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدْخَلَ بَصَرَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، مَا عَيَّرْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَرَّ الرَّجُلُ عَلَى بَابٍ لَا سِتْرَ لَهُ غَيْرِ مُغْلَقٍ، فَنَظَرَ، فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ» ) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٣٥٢٦ - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَشَفَ) : أَيْ رَفَعَ وَأَزَالَ (سِتْرًا) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ: سِتَارَةً وَحَاجِزًا (فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ) : أَيْ: فِي الْكَشْفِ وَالدُّخُولِ (فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ) : أَيْ خَلَلَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَمَا يَسْتُرُونَهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْعَوْرَةَ مَا يُحَاذَرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَسُمِّيَتْ عَوْرَةً لِاخْتِلَالِ سَتْرِ النَّاسِ وَتَحَفُّظِهِمْ عَنْهَا، وَالْعَوْرَةُ الْخَلَلُ (فَقَدْ أَتَى حَدًّا) : أَيْ: فَعَلَ شَيْئًا يُوجِبُ الْحَدَّ أَيِ التَّعْزِيزَ (لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ) : اسْتِئْنَافٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْعِلَّةِ، أَوْ مَعْنَاهُ أَتَى أَمْرًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ وَإِلَيْهِ يَنْظُرُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدْخَلَ بَصَرَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ) : أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ (فَفَقَأَ) : أَيْ: قَلَعَ (عَيْنَهُ، مَا عُيَّرْتُ عَلَيْهِ) : أَيْ: مَا نَسَبْتُهُ إِلَى الْعَيْبِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعُقُوبَةُ الْمَانِعَةُ عَنْ إِعَادَةِ الْجَانِي، فَالْمَعْنَى فَقَدْ أَتَى مُوجِبَ حَدٍّ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَشْرَفُ وَالْمُظْهِرُ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ كَالْحِمَى، فَقَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ صِفَةٌ فَارِقَةٌ تُخَصِّصُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ بِالْمُرَادِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إِيقَاعُ قَوْلِهِ: (وَإِنَّ مَرَّ الرَّجُلُ عَلَى بَابٍ لَا سِتْرَ لَهُ) : مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ: مَنْ كَشَفَ سِتْرًا إِلَخْ. (غَيْرِ مُغْلَقٍ) : بِفَتْحِ اللَّامِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا: أَيْ: غَيْرِ مَرْدُودٍ، وَغَيْرُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِيَةِ، وَقِيلَ مَجْرُورٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ بَابٍ (فَنَظَرَ) : مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ (فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ) : فِيهِ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَاجِبٌ إِمَّا السِّتْرَ وَإِمَّا الْغَلْقَ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ بِلَفْظِ: (أَيُّمَا رَجُلٍ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَقَدْ أَتَى حَدًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَقَأَ عَيْنَهُ لَهُدِرَتْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى بَابٍ لَا سُتْرَةَ عَلَيْهِ فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَابِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute