عَالَمٌ كَبِيرٌ لِحَدِيثِ: ( «لَا يَسَعُنِي أَرْضِي وَلَا سَمَائِي وَلَكِنْ يَسَعُنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ» ) قَالَ: ثُمَّ إِنَّ مَجْمَعَ مَحَاسِنِهِ وَمَظْهَرَ لَطَائِفِ الصُّنْعِ فِيهِ هُوَ الْوَجْهُ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهِ وَيَتَحَرَّزَ عَمَّا يُشَوِّهُهُ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُجْرَحَ وَيُقَبَّحَ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ احْتَمَلَ ذَلِكَ. وَثَالِثُهَا. قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّ الصُّورَةَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالشَّأْنِ أَيْ: خُلِقَ آدَمُ عَلَى حَالِهِ وَشَأْنِهِ فِي كَوْنِهِ مَسْجُودًا لِلْمَلَائِكَةِ، مَالِكًا لِلْحَيَوَانَاتِ فِي كَوْنِهَا مُسَخَّرَاتٍ لَهُ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠] تَعْظِيمًا وَاحْتِرَامًا بِشَأْنِهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالتَّقْبِيلِ وَالِاسْتِسْلَامِ تَعْظِيمًا، كَيَمِينِ الْمَلِكِ فِي حَقِّ مَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ، فَإِذَا الْإِضَافَةُ فِيهِ لَيْسَتْ كَإِضَافَةِ بَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّشْرِيفِ بَلِ الْكَلَامُ وَارِدٌ عَلَى التَّمْثِيلِ وَالِاسْتِعَارَةِ، وَسُئِلَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠] قَالَ: صُورَةُ الْمَلَكِ الَّذِي تَوَلَّاهَا فَخُلِقَ آدَمُ عَلَيْهَا وَمُلْكُهُ مِنْ مُلْكِهِ مَا تَوَلَّى، وَسُئِلَ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ؟ فَذَكَرَ خَلْقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، وَهَذَا أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْمَقَامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute