مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، لَيْسَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ، غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِالتَّفْسِيرِ، بِخِلَافِ نَحْوِ تَأْوِيلِ الْبَحْرَيْنِ بِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَإِنَّهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْجَهَلَةِ وَالْحَمْقَاءِ كَالرَّوَافِضِ. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْ مَنْ شَرَعَ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وُقُوفٌ عَلَى لُغَةِ الْعَرَبِ وَوُجُوهِ اسْتِعْمَالَاتِهَا مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْمُجْمَلِ وَالْمُفَصَّلِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُفَسِّرِ، فَهُوَ وَإِنْ طَابَقَ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ إِذْنِ الشَّارِعِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَضَى بِتَأْوِيلِهِ وَاجْتِهَادِهِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى. وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنِ التُّورِبِشْتِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّأْيِ مَا لَا يَكُونُ مُؤَسَّسًا عَلَى عُلُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَلْ يَكُونُ قَوْلًا تَقُولُهُ بِرَأْيِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ عَقْلُهُ، وَعِلْمُ التَّفْسِيرِ يُؤْخَذُ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ كَأَسْبَابِ النُّزُولِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَمِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ وَتَأْوِيلَاتِهِمْ بِالْمَقَايِيسِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْمُجْمَلِ وَالْمُفَصَّلِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ أُصُولُ الدِّينِ، فَيُئَوَّلُ الْقِسْمُ الْمُحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيلِ عَلَى وَجْهٍ يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ ظَاهِرُ التَّنْزِيلِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ هَذِهِ الشَّرَائِطَ كَانَ قَوْلُهُ مَهْجُورًا، وَحَسْبُهُ مِنَ الزَّاجِرِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ عِنْدَ الْإِصَابَةِ، فَمَا بُعْدُ مَا بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ وَالْمُتَكَلِّفِ، فَالْمُجْتَهِدُ مَأْجُورٌ عَلَى الْخَطَأِ، وَالْمُتَكَلِّفُ مَأْخُوذٌ بِالصَّوَابِ. وَقَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ: يَحْتَمِلُ النَّهْيَ عَنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ مَيْلًا عَنْ طَبْعِهِ وَهَوَاهُ فَيُئَوِّلُ عَلَى وَفْقِ رَأْيِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ الْهَوَى لَمْ يَلُحْ لَهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى. الثَّانِي: أَنْ يَتَسَارَعَ إِلَى التَّفْسِيرِ بِظَاهِرِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِظْهَارٍ بِالسَّمَاعِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَرَائِبِ الْقُرْآنِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْمَارِ وَالتَّقْدِيمِ وَلَا مَطْمَعَ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْبَاطِنِ بِدُونِ مَعْرِفَةِ الظَّاهِرِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) ، وَكَذَا النَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute