٢٣٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢٣٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الْمِرَاءُ) : أَيِ: الْجِدَالُ (فِي الْقُرْآنِ) أَيْ: فِي مُتَشَابِهِهِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْجُحُودِ (كُفْرٌ) : سَمَّاهُ كُفْرًا بِاسْمِ مَا يُخْشَى عَاقِبَتُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُسْنِدَ أَحَدُهُمْ كَلَامَهُ إِلَى آيَةٍ ثُمَّ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ بِآيَةٍ أُخْرَى تَدَافُعًا لَهُ كَأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الَّذِي أَتَيْتَ بِهِ نَقِيضُ مَا اسْتَدْلَلْتَ بِهِ. قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: الْمُرَادُ بِالْمِرَاءِ فِي الْقُرْآنِ الشَّكُّ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [هود: ١٧] أَيْ: فِي شَكٍّ، يَعْنِي: الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ - كُفْرٌ، وَالْمِرَاءُ الْمُجَادَلَةُ فِيمَا فِيهِ مِرْيَةٌ وَشَكٌّ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْمِرَاءِ فِيهِ التَّدَارُؤُ، وَهُوَ أَنْ يَرُومَ تَكْذِيبَ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ لِيَدْفَعَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَيَطْرُقَ إِلَيْهِ قَدْحًا وَطَعْنًا، وَمِنْ حَقِّ النَّاظِرِ فِي الْقُرْآنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْآيَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ التَّوْفِيقُ فَلْيَعْتَقِدْ أَنَّهُ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِ وَلْيَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] اهـ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: قِيلَ: هُوَ الْمِرَاءُ فِي قِرَاءَتِهِ بِأَنْ يُنْكِرَ بَعْضَ الْقِرَاءَاتِ الْمَرْوِيَّةَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَتَوْعِيدُهُ بِالْكُفْرِ لِيَنْتَهُوا عَنِ الْمِرَاءِ فِيهَا وَالتَّكْذِيبِ بِهَا، إِذْ كُلُّهَا قُرْآنٌ مُنَزَّلٌ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute