للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَسْأَلُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ) إِمَّا صِفَةُ أَحَدًا أَوْ حَالٌ مِنْهُ لِوَصْفِهِ (فَلَقِيتُ أَبَا بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالزَّايِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهُوَ نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَسْلَمِيُّ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ وَلَمْ يَزَلْ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ فَتَحَوَّلَ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِمَرْوَ سَنَةَ سِتِّينَ (فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي نَفَرٍ) أَيْ كَائِنًا فِي جَمَاعَةٍ (مِنْ أَصْحَابِهِ) أَيْ مِنَ التَّابِعِينَ (فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: حَالٌ مُزَالٌ عَنْ كَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْدِيرُهُ سَمِعْتُ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوَارِجَ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ثُمَّ جِيءَ بَعْدَهُ بِيَذْكُرُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ دَلَالَةً عَلَى الْمَحْذُوفِ (قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ) بِضَمِّ الذَّالِ وَيُسَكَّنُ وَبِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِإِفَادَةِ التَّأْكِيدِ وَبِتَخْفِيفِهَا عَلَى الْإِفْرَادِ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنَيَّ) وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ بِأُذُنَيَّ وَبِعَيْنَيَّ مِنَ التَّأْكِيدِ إِذِ السَّمَاعُ وَالرُّؤْيَةُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأُذُنٍ وَعَيْنٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ) إِلَخْ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ رَأَيْتُهُ أَيْ رَأَيْتُهُ حَالَ كَوْنِهِ مَأْتِيًّا بِمَالٍ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَ قَوْلَهُ بِأُذُنَيَّ وَبِعَيْنَيَّ وَتَكْرِيرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيذَانٌ بِتَحْقِيقِ الْأَمْرِ وَتَثْبِيتِهِ فِي الرِّوَايَةِ وَإِنَّهُ مِمَّا لَا يُسْتَرَابُ فِيهِ (فَقَسَمَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمَالَ (فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَعَلَّ عَدَمُ إِعْطَائِهِمْ لِيَظْهَرَ مَا ظَهَرَ مِنْهُمْ (فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ رَجُلٌ أَسْوَدُ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَارِدٌ عَلَى الذَّمِّ وَالشَّتْمِ ; لِأَنَّ دَمَامَةَ الصُّورَةِ تَدُلُّ عَلَى خَبَاثَةِ السَّرِيرَةِ (مَطْمُومُ الشَّعْرِ) فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ طَمَّ شَعْرَهُ وَجَزَّهُ اسْتَأْصَلَهُ اه وَكَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى تَجَرُّدِهِ لِلْفَسَادِ وَلَيْسَ فِيهِ شَعْرٌ مِنَ الشُّعُورِ وَالْأَدَبِ فِي الْحُضُورِ (عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ) إِيمَاءٌ إِلَى نِفَاقِهِ مِنْ نَظَافَةِ ظَاهِرِهِ وَكَثَافَةِ بَاطِنِهِ وَبَيَاضِ كُسْوَتِهِ وَسَوَادِ جُثَّتِهِ (فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا) أَيْ ثُمَّ حَلُمَ حِلْمًا عَظِيمًا (وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي) أَيْ غَيْرِي وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مُتَجَاوِزًا عَنِّي (رَجُلًا هُوَ عَدْلٌ مِنِّي) أَيْ عَادِلٌ مِثْلِي (ثُمَّ قَالَ: يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ كَانَّ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ (هَذَا) أَيْ هَذَا الرَّجُلُ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مِنْ شِيعَتِهِمْ وَمُقْتَفِي سِيرَتِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} [التوبة: ٦٧] (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ) اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِسُوءِ حَالِهِمْ وَفِعَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ (لَا يُجَاوِزُ) أَيْ قُرْآنُهُمْ أَوْ قِرَاءَتُهُمْ (تَرَاقِيَهُمْ) أَيْ حُلُوقَهُمْ (يَمْرُقُونَ) أَيْ يَخْرُجُونَ (مِنَ الْإِسْلَامِ) أَيْ مِنَ الِانْقِيَادِ التَّامِّ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ (كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) أَيِ الصَّيْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>