للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَدْنَى عَنْ ذَلِكَ» . وَكَانَ رُبُعُ الدِّينَارِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَلَنَا أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَكْثَرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ، تَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَيْمَنَ، قَالَ: «لَمْ تُقْطَعِ الْيَدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَثَمَنُهُ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ» ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: هَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، فَكَيْفَ قُلْتَ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا، فَقَالَ: قَدْ رَوَى شَرِيكٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أَخِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِأُمِّهِ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَابَ بِأَنَّ أَيْمَنَ قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ مُجَاهِدٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْمَرَاسِيلِ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، عَنْ أَيْمَنَ وَكَانَ فَقِيهًا قَالَ: تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا قَالَ أَبِي: هُوَ مُرْسَلٌ. وَأَرَى أَنَّهُ وَالِدُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، وَلَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَظَهَرَ بِهَذَا الْقَدْرِ أَنَّ أَيْمَنَ اسْمٌ لِلصَّحَابِيِّ، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ وَاسْمُ التَّابِعِيِّ آخَرُ، وَقَالَ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمُزَنِيُّ فِي كِتَابِهِ: أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ رَوَى عَنْ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْمَنُ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّرِقَةِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَعَنْهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ قَالَ النَّسَائِيُّ: مَا أَحْسَبُ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَقَدْ جَعَلَهُ اسْمًا لِتَابِعَيْنِ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ فَجَعَلَاهُمَا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ مَوْلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَيْمَنَ وَالِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: مَكِّيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَبَشِيُّ مَوْلًى لِابْنِ أَبِي عُمَرَ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَخَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِأُمِّهِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً وَهِمَ حَدِيثُهُ فِي الْقَطْعِ مُرْسَلٌ فَهَذَا يُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ أَيْمَنَ ابْنَ أُمِّ أَيْمَنَ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَأَنَّهُ صَحَابِيٌّ حَيْثُ جَعَلَهُ مِنَ التَّابِعِينَ وَهَكَذَا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ: أَيْمَنُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَهُوَ مِنَ التَّابِعَيْنِ، وَلَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي أَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ دِينَارٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي أَيْمَنَ رَاوِي قِيمَةِ الْمِجَنِّ هَلْ هُوَ صَاحِبِيٌّ أَمْ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ فَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ تَابِعِيًّا ثِقَةً كَمَا ذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ الْإِمَامُ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ وَابْنُ حِبَّانَ فَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ، وَالْإِرْسَالُ لَيْسَ عِنْدَنَا، وَلَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَادِحًا بَلْ هُوَ حُجَّةٌ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ حِينَئِذٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَقْوِيمِ الْمِجَنِّ أَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ عَشْرَةٌ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ هُنَا لَا يُجَابُ الشَّرْعُ الدَّرْءُ أَمْكَنُ فِي الْحُدُودِ، ثُمَّ يَقْوَى بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ» . وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَذَا إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ قَطَعْتُ يَدَ صَاحِبِهَا» . وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَشْرَ دَرَاهِمَ، قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشْرِ دَرَاهِمَ» . وَهَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ مُرْسَلٌ عَنْهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ، فَقَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا قَطْعَ إِلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَهُوَ مُرْسَلٌ. رَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ اه. وَهُوَ صَحِيحٌ ; لِأَنَّ الْكُلَّ مَا وَرَدَ إِلَّا عَنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ تُقْطَعُ الْيَدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» . وَهَذَا مَوْصُولٌ وَفِي رِوَايَةِ خَلَفِ بْنِ يَاسِينَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَمَا كَانَ الْقَطْعُ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خِسْرُو مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْفَعُهُ: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ، وَهَذَا مَوْصُولٌ مَرْفُوعٌ وَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا لَكَانَ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ ; لِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةَ لَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهَا فَالْمَوْقُوفُ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ الْمَرْفُوعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>