مِنْهَا حَتَّى يَسْكَرَ وَإِذَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا صَارَ الْحَدُّ مُنْتَفِيًا عِنْدَ عَدَمِ السُّكْرِ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا، وَمِنْهَا مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا شَرِبَ مِنْ إِدَاوَةِ عُمَرَ نَبِيذًا فَسَكِرَ مِنْهُ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنَّمَا شَرِبْتُهُ مِنْ إِدَاوَتِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّمَا جَلَدْنَاكَ بِالسُّكْرِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ بِسَعِيدِ بْنِ دُنَى. . لِقُوَّةِ ضَعْفِهِ وَفِيهِ جَهَالَةٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ مُخَارِقٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَايَرَ رَجُلًا فِي سَفَرٍ، وَكَانَ صَائِمًا فَلَمَّا أَفْطَرَ أَهْوَى إِلَى قِرْبَةٍ لِعُمَرَ مُعَلَّقَةً فِيهَا نَبِيذٌ فَشَرِبَهُ فَسَكِرَ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ الْحَدَّ فَقَالَ: إِنَّمَا شَرِبْتُهُ مِنْ قِرْبَتِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّمَا جَلَدْنَاكَ لِسُكْرِكَ وَفِيهِ بَلَاغٌ وَهُوَ عِنْدِي انْقِطَاعٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ دَاوَرَ بِفَتْحِ الْوَاوِ فِيهِ مَقَالٌ: وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ مِنْ إِدَاوَةِ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ فَسَكِرَ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَقَالَ: فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي السُّكْرِ مِنَ النَّبِيذِ ثَمَانِينَ. فَهَذِهِ وَإِنْ ضَعُفَ بَعْضُهَا فَتَعَدُّدُ الطُّرُقِ يُرَقِّيهِ إِلَى الْحَسَنِ مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْحَدِّ بِالْكَثِيرِ فَإِنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ بِالْحَدِّ فِي الْقَلِيلِ (وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا) أَيْ يُدَاوِمُ عَلَى شُرْبِهَا بِأَنْ (لَمْ يَتُبْ) عَنْهَا حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ) أَيْ إِنْ كَانَ مُسْتَحِلًّا لَهَا أَوِ الْمُرَادُ بِهِ الزَّجْرُ الْأَكِيدُ وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ، وَفِي النِّهَايَةِ: هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْبَيَانِ، أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ; لِأَنَّ الْخَمْرَ مِنْ شَرَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، قَالَ النَّوَوِيُّ: قِيلَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ شُرْبُهَا فَإِنَّهَا مِنْ فَاخِرِ أَشْرِبَةِ الْجَنَّةِ، فَيُحْرَمُهَا هَذَا الْعَاصِي بِشُرْبِهَا فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَنْسَى شَهْوَتَهَا ; لِأَنَّ الْجَنَّةَ فِيهَا كُلُّ مَا تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ وَقِيلَ: لَا يَشْتَهِيهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا، وَيَكُونُ هَذَا نَقْصًا عَظِيمًا بِحِرْمَانِهِ عَنْ أَشْرَفِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، قُلْتُ: وَنَظِيرُهُ حِرْمَانُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَنَحْوِهِ عَنِ الرُّؤْيَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَيَّدَ الْحِرْمَانُ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ عَيْشِ الْعَاصِي فِي الدُّنْيَا أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ مَعَ الْفَائِزِينَ السَّابِقِينِ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، أَوْ لَمْ يَشْرَبْهَا شُرْبًا كَامِلًا فِي الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّائِبِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute