للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٦٦٦ - «وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٣٦٦٦ - (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا) أَيْ عَاهَدْنَا نَحْنُ (رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فِيهِمَا، وَفِي الْقَامُوسِ: الْعُسْرُ بِالضَّمِّ وَبِالضَّمَّتَيْنِ وَبِالتَّحْرِيكِ ضِدُّ الْيُسْرِ وَهُوَ بِضَمٍّ وَبِضَمَّتَيْنِ الْيَسَارُ، وَبِالتَّحْرِيكِ السَّهْلُ (وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ) بِفَتْحَتَيْنِ فِيهِمَا فَهُمَا مَصْدَرَانِ مِيمِيَّانِ أَوِ اسْمَا زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ، قَالَ الْقَاضِي: أَيْ عَاهَدْنَاهُ بِالْتِزَامِ السَّمْعِ فِي حَالَتَيِ الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ وَتَارَتَيِ الضَّرَّاءِ وَالسَّرَّاءِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُ إِلْتِزَمٌ لَهُمْ أَيْضًا بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ وَالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْحِسَابِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا إِلْتَزَمُوا، وَالْمَنْشَطُ وَالْمَكْرَهُ مَفْعَلَانِ مِنَ النَّشَاطِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْمَحَلِّ أَيْ فِيمَا فِيهِ نَشَاطُهُمْ وَكَرَاهَتُهُمْ أَوِ الزَّمَانِ أَيْ فِي زَمَانَيِ انْشِرَاحِ صُدُورِهِمْ وَطِيِبِ قُلُوبِهِمْ وَمَا يُضَادُّ ذَلِكَ (وَعَلَى أَثَرَةٍ) بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنْ " أَثَرَ " بِمَعْنَى اخْتَارَ أَيْ عَلَى اخْتِيَارِ شَخْصٍ عَلَيْنَا بِأَنْ نُؤْثِرَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا كَذَا قِيلَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى الصَّبْرِ إِيثَارُ الْأُمَرَاءِ أَنْفُسَهُمْ عَلَيْنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ (عَلَى أَثَرَةٍ) لَيْسَتْ بِصِلَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ بَلْ مُتَعَلِّقٍ مُقَدَّرٍ أَيْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ نَصْبِرَ عَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَفِي النِّهَايَةِ: الْأَثَرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ اسْمٌ مِنَ الْإِيثَارِ أَيْ يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمْ فَيُفَضِّلُ غَيْرَكُمْ فِي إِعْطَاءِ نَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْأَثَرَةُ الِاسْتِئْثَارُ وَالْاخْتِصَاصُ بِأُمُورِ الدُّنْيَا أَيِ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اخْتُصَّ الْأُمَرَاءُ بِالدُّنْيَا عَلَيْكُمْ وَلَمْ يُوصِلُوكُمْ حَقَّكُمْ مِمَّا عِنْدَهُمْ (وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ) أَيْ لَا نَطْلُبُ الْإِمَارَةَ وَلَا نَعْزِلُ الْأَمِيرَ مِنَّا وَلَا نُحَارِبُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ مَنْ جَعَلَهُ الْأَمِيرُ نَائِبًا عَنْهُ وَهُوَ كَالْبَيَانِ وَالتَّقْرِيرِ لِلسَّابِقِ ; لِأَنَّ مَعْنَى عَدَمِ الْمُنَازَعَةِ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْأَثَرَةِ (وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا) أَيْ وَعِنْدَ مَنْ كُنَّا (لَا نَخَافُ) اسْتِئْنَافٌ أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَقُولُ: أَيْ غَيْرَ خَائِفِينَ (فِي اللَّهِ) أَيْ لِأَجْلِهِ أَوْ فِيمَا فِيهِ رِضَاهُ (لَوْمَةَ لَائِمٍ) أَيْ مَلَامَةَ مُلِيمٍ وَأَذِيَّةَ لَئِيمٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ نَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ عَلَى الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، لَا نُدَاهِنُ أَحَدًا وَلَا نَخَافُ وَلَا نَلْتَفِتُ إِلَى لَائِمَةٍ (وَفِي رِوَايَةٍ: وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا) أَيْ تُبْصِرُوا وَتَعْلَمُوا فِي الْأُمَرَاءِ (كُفْرًا بَوَاحًا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهُ وَاوٌ كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَنَا لِلْمِشْكَاةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْقَامُوسِ وَالنِّهَايَةِ أَيْ كُفْرًا ظَاهِرًا صَرِيحًا فَقَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ تَرَوْا. حِكَايَةُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْقَرَائِنُ السَّابِقَةُ مَعْنًى تَلَفَّظَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ (عِنْدَكُمْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ (مِنَ اللَّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالظَّرْفِ أَوْ حَالٌ مِنَ الْمُسْتَتِرِ فِي الظَّرْفِ (مِنْهُ) أَيْ فِي ظُهُورِ الْكُفْرِ (بُرْهَانٌ) أَيْ دَلِيلٌ وَبَيَانٌ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ قُرْآنٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ بُرْهَانٌ حَاصِلٌ عِنْدَكُمْ كَائِنًا مِنَ اللَّهِ، أَيْ مِنْ دِينِ اللَّهِ. اهـ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ تَجُوزُ الْمُنَازَعَةُ بَلْ يَجِبُ عَدَمُ الْمُطَاوَعَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: بَوَاحًا بِالْوَاوِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالرَّاءِ يُقَالُ: بَاحَ الشَّيْءُ إِذْ ظَهَرَ بَوَاحًا وَالْبَوَاحُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَمْرًا بَوَاحًا وَبَرَاحًا بِمَعْنَاهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْبَرَاحِ وَهِيَ الْبَارِزَةُ وَالْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا الْمَعَاصِي، وَالْمَعْنَى لَا تُنَازِعُوا وُلَاةَ الْأُمُورِ فِي وِلَايَتِهِمْ وَلَا تَعْتَرِضُوا عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ تَرَوْا مِنْهُمْ مُنْكَرًا مُحَقَّقًا تَعْلَمُونَهُ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْكِرُوهُ عَلَيْهِمْ، وَقُومُوا بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَقِتَالُهُمْ فَمُحَرَّمٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لِتَهَيُّجِ الْفِتَنِ فِي عَزْلِهِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَتَفْرِيقِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَتَكُونُ الْمَفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ وَلَا تَنْعَقِدُ إِمَامَةُ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً، وَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَنْعَقِدُ لِكَافِرٍ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>