للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

انْعَزَلَ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إِقَامَةَ الصَّلَوَاتِ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهَا وَكَذَا الْبِدْعَةُ، قَالَ الْقَاضِي: فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ كُفْرٌ وَتَغْيِيرٌ فِي الشَّرْعِ أَوْ بِدْعَةٌ سَقَطَتْ إِطَاعَتُهُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خَلْعُهُ وَنَصْبُ إِمَامٍ عَادِلٍ إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ فِي الْمُبْتَدَعِ إِلَّا إِذَا ظَنُّوا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيُهَاجِرُ الْمُسْلِمُ عَنْ أَرْضِهِ إِلَى غَيْرِهَا وَيَفِرُّ بِدِينِهِ. اهـ وَفِيهِ أَبْحَاثٌ، أَمَّا أَوَّلًا، فَقَوْلُهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مُسْتَدْرَكٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِ (كُفْرًا) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَا ثَانِيًا فَقَوْلُهُ (الْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا الْمَعَاصِي) مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكُفْرَ عَلَى بَابِهِ وَالْاسْتِثْنَاءُ عَلَى صِرَافَتِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أُرِيدَ الْمَعَاصِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُتَّصِلُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ إِذْ لَا تَجُوزُ مُنَازَعَةُ الْأَمْرِ مِنْ أَهْلِهِ بِسَبَبِ عِصْيَانِهِ كَمَا فُهِمَ مِنْ تَقْرِيرِهِ وَبَيَانِهِ، وَأَمَا ثَالِثًا فَقَوْلُهُ (لَا تَنْعَقِدُ إِمَامَةُ الْفَاسِقِ) فَإِنَّهُ يُشْكِلُ بِسَلْطَنَةِ الْمُتَسَلْطِنِينَ الظَّاهِرِ عَلَيْهِمْ حَالُ التَّوْلِيَةِ أَنَّهُمْ مِنَ الْفَاسِقِينَ، وَفِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ انْعِقَادِ إِمَامَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ حَرَجٌ عَظِيمٌ فِي الدِّينِ حَيْثُ يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَوِلَايَةِ الْقُضَاةِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْقَضَايَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ حَالَةُ الِاخْتِيَارِ لَكِنَّ الْمُرَادَ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ، وَفِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ نَصْبَ الْإِمَامِ وَاجِبٌ ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَتَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِمْ وَسَدِّ ثُغُورِهِمْ وَتَجْهِيزِ جُيُوشِهِمْ وَأَخْذِ صَدَقَاتِهِمْ وَقَهْرِ الْمُتَغَلِّبَةِ وَالْمُتَلَصِّصَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ اللَّذَيْنِ لَا أَوْلِيَاءَ لَهُمَا وَقِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَتَوَلَّاهَا آحَادُ الْأُمَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ ; لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْإِمَامَةِ ابْتِدَاءً فَبَقَاءٌ أَوْلَى، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَكَذَا كُلُّ قَاضٍ وَأَمِيرٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَنْظُرُ لِغَيْرِهِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ حَتَّى يَصِحَّ لِلْأَبِ الْفَاسِقِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ، وَالْمَسْطُورُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي انْعِزَالِهِ وَوُجُوبِ نَصْبِ غَيْرِهِ إِثَارَةَ الْفِتْنَةِ لِمَا لَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْقَاضِي (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>