٣٧٣٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٧٣٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ» ) ; أَيْ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ الْقَضَاءَ (ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ) ; أَيْ قَوِيَ عَدْلُهُ عَلَى جَوْرِهِ ; بِحَيْثُ مَنَعَهُ عَنِ الْجَوْرِ، أَوِ الظُّلْمِ فِي الْحُكْمِ ; (فَلَهُ الْجَنَّةُ) ; أَيْ مَعَ الْفَائِزِينَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنْ يَقُلْ قَوْلُهُ: (حَتَّى) غَايَةٌ لِلطَّلَبِ، وَ (حَتَّى) لِلتَّدَرُّجِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بَالَغَ فِي الطَّلَبِ، وَبَلَغَ مَجْهُودُهُ فِيهِ، ثُمَّ نَالَهُ، فَمِثْلُ هَذَا مَوْكُولٌ إِلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ، فَكَيْفَ يَغْلِبُ عَدْلُهُ جَوْرَهُ؟ وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: ( «مَنِ ابْتَغَى الْقَضَاءَ وَسَأَلَ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ» ) فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الطَّالِبُ رَجُلَانِ ; رَجُلٌ مُؤَيَّدٌ بِتَأْيِيدِ اللَّهِ مُحَدَّثٌ مُلْهَمٌ كَالصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، فَإِذَا طَلَبَهُ بِحَقِّهِ فَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ مَوْكُولًا إِلَى نَفْسِهِ وَهُوَ يَقْضِي بِالْحَقِّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ، وَرَجُلٌ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، فَيَغْلِبُ جَوْرُهُ عَدْلَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ( «وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ» ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: رُبَّمَا يَسْبِقُ إِلَى فَهَمِ بَعْضِ مَنْ لَا يَتَحَقَّقُ الْقَوْلَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْغَلَبَةِ أَنْ يَزِيدَ مَا عَدَلَ فِيهِ عَلَى مَا جَارَ وَهَذَا بَاطِلٌ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي تَأْوِيلِهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا، مَا قَالَهُ التُّورِبِشْتِيُّ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْغَلَبَةِ فِي كِلَا الصِّيغَتَيْنِ أَنْ تَمْنَعَهُ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى ; فَلَا يَجُورُ فِي حُكْمِهِ ; يَعْنِي فِي الْأَوَّلِ، وَلَا يَعْدِلُ يَعْنِي فِي الثَّانِي، قُلْتُ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ ; لِأَنَّ مَنْ كَثُرَ ظُلْمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute