للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ كَلَامِ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ، لِاخْتِلَافِ النُّقُولِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِينَ، وَهُوَ يُفِيدُ نَفْيَ الْقَطْعِ قَطْعًا، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُعَارِضَ الْكِتَابَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. قَالَ: وَأَمَّا ظَاهِرُ النَّصِّ، فَإِنَّ " قَضَى " يُسْتَعْمَلُ بِالْبَاءِ وَاللَّامِ وَعَلَى وَالْبَاءِ لِلسَّبَبِيَّةِ. فَإِنْ قُلْتَ: قَضَى لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ اسْتَقَامَ وَصَحَّ، وَلَوْ قُلْتَ: قَضَى لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ يَمِينِهِ وَشَاهِدِ الْمُدَّعِي أَبْعَدْتَ الْمَرْمَى. قُلْتُ: الشَّيْخُ عَارِفٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَقَائِلٌ بِهَذَا الْمَبْنَى، لَكِنَّهُ يَنْفِي النَّصَّ فِي الْمُدَّعِي فَلَا يُعَدَّى عَنِ الْمَرْمَى، ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " التَّنْكِيرُ فِيهِ لِلشُّيُوعِ ; أَيْ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ مَا؟ فَقَوْلُهُ: لَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ أَصْلًا، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، إِذْ لَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لَمْ يَقُلْ لِلْمُدَّعِي: فَلَكَ يَمِينُهُ، بَلْ فَعَلَيْكَ الْيَمِينُ. قُلْتُ هَذَا غَفْلَةٌ لَهُ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى شَاهِدٍ وَاحِدٍ ; إِذْ لَوْ كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَيْهِ لَقَالَ: أَلَكَ شَاهِدٌ؟ ، وَلِأَنَّ (أَلْ) فِي الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ لِلْاسْتِغْرَاقِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ) . ; أَيْ: جَمِيعُ الْبَيِّنَاتِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَجَمِيعُ الْأَيْمَانِ فِي جَانِبِ الْمُنْكِرِ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَاللَّهُ وَلِيُ التَّوْفِيقِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>