٣٧٧٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ، وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، وَالْيَمِينَ الْغَمُوسَ، وَمَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاللَّهِ يَمِينَ صَبْرٍ، فَأَدْخَلَ فِيهَا مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، إِلَّا جُعِلَتْ نُكْتَةً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٣٧٧٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ) : بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ الْجُهَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا، رَوَى عَنْهُ أَبُو أُمَامَةَ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمَا، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الشِّرْكَ» ) : بِالنَّصْبِ فَنَفْيُ الصَّانِعِ أَوْلَى، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكُفْرِ، إِلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِهِ ; لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي الْكَفَرَةِ، وَمِنْ زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُهُ فِي الْإِثْبَاتِ كَالْأَخْفَشِ، أَوْ دُخُولُ مِنْ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالشِّرْكُ هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ لَا مِنْ جُمْلَتِهِ. (وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ) : عَطَفٌ عَلَى الشِّرْكِ وَالْمُرَادُ بِهِ مُخَالَفَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى نَهْجٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ مِنْ مَثَلِ الْوَلَدِ عَادَةً (وَالْيَمِينَ الْغَمُوسَ) : أَيِ: الْحَلِفَ عَلَى مَاضٍ كَذِبًا مُتَعَمِّدًا، سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ، ثُمَّ فِي النَّارِ وَفَعُولُ لِلْمُبَالَغَةِ وَفَى النِّهَايَةِ: هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الْفَاجِرَةُ كَالَّتِي يَقْطَعُ بِهَا الْحَالِفُ مَالَ غَيْرِهِ. (وَمَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاللَّهِ يَمِينَ صَبْرٍ فَأَدْخَلَ) : أَيِ: الْحَالِفُ (فِيهَا) : أَيْ: فِي تِلْكَ الْيَمِينِ (مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ ; أَيْ: رِيشِهَا، وَالْمُرَادُ أَقَلُّ قَلِيلٍ، وَالْمَعْنَى شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ، وَمِمَّا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ ; لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ (إِلَّا جُعِلَتْ) : أَيْ: تِلْكَ الْيَمِينُ (نُكْتَةً) : أَيْ: سَوْدَاءَ ; أَيْ: أَثَرًا قَلِيلًا (فِي قَلْبِهِ) : كَالنُّقْطَةِ تُشْبِهُ الْوَسَخَ فِي نَحْوِ الْمِرْآةِ وَالسَّيْفِ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَى الِانْتِهَاءِ أَنَّ أَثَرَ تِلْكَ النُّكْتَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الرَّيْنِ يَبْقَى أَثَرُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَبَالُهَا وَالْعِقَابُ عَلَيْهَا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ كَذِبًا مُخْلَصًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، وَخَصَّ الْأَخِيرَةَ مِنْهَا بِالْوَعِيدِ لِيُؤْذِنَ بِأَنَّهَا مِنْهَا وَدَاخِلَةٌ فِي أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ حَذَرًا مِنِ احْتِقَارِ النَّاسِ بِهَا زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْكَبَائِرِ مِثْلَهَا، وَنَحْوُهُ فِي الْإِلْحَاقِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ: " «عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ» " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute