للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨٥٣ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ وَمَآثِرَهُمْ، وَمُقِيلَهُمْ. قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجَنَّةِ، وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: ١٦٩] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٣٨٥٣ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ) ; أَيِ: الْمَخْصُوصِينَ فِي بَابِهِ (إِنَّهُ) : أَيِ: الشَّأْنَ (لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ) : أَيْ: مِنْ سَعَادَةِ الشَّهَادَةِ (يَوْمَ أُحُدٍ) : أَيْ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا ثَانِيَ لَهُ (جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ) : أَيْ: فِي أَجْوَافِ طُيُورٍ خُضْرٍ خَالِيَةٍ مِنَ الْأَرْوَاحِ عَلَى أَشْبَاهٍ مُصَوَّرَةٍ بِصُوَرِ الطُّيُورِ حَتَّى تَتَلَذَّذَ الْأَرْوَاحُ بِنِسَبِ الْأَشْبَاحِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إِنَّ عَذَابَ الْبَرْزَخِ وَنَعِيمَهُ بِمَا هُوَ رُوحَانِيٌّ فَقَطْ (تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ) : مِنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَالشَّرَابِ الطَّهُورِ (تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهِمْ) : اسْتِئْنَافٌ، أَوْ حَالٌ، أَوْ بَدَلٌ (وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ: أَيْ: بِمَنْزِلَةِ أَوْكَارِ الطُّيُورِ (فَلَمَّا وَجَدُوا) : أَيِ: الشُّهَدَاءُ (طِيِبَ مَأْكَلِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ، وَمَقِيلِهِمْ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ ; أَيْ: مَأْوَاهُمْ وَمُسْتَقَرِّهِمْ، وَالثَّلَاثَةُ مَصَادِرُ مِيمِيَّةٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ، ثُمَّ أَصْلُ الْمَقِيلِ الْمَكَانُ الَّذِي يُؤْوَى إِلَيْهِ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَالنَّوْمِ فِيهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهُوَ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّنْعِيمِ وَالتَّرَفُّهِ ; لِأَنَّ الْمُتَنَزِّهِينَ فِي الدُّنْيَا يَعِيشُونَ مُنَعَّمِينَ اه. وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى. (قَالُوا) : جَوَابُ لَمَّا (مَنْ يَبَلِّغُ: بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: وَفِي نُسْخَةٍ بِتَخْفِيفِهَا ; أَيْ: مَنْ يُوَصِّلُ (إِخْوَانَنَا) : أَيْ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ (عَنَّا) : أَيْ: عَنْ قَيْلِنَا (أَنَّنَا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ) : أَيْ: مَرْزُوقُونَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّذَّةِ (لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجَنَّةِ) : أَيْ: فِي شَأْنِهَا، بَلْ لِيَرْغَبُوا فِي تَحْصِيلِ دَرَجَاتِهَا (وَلَا يَنْكُلُوا) : بِضَمِّ الْكَافِ ; أَيْ: لَا يَجْبُنُوا (عِنْدَ الْحَرْبِ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ} [آل عمران: ١٦٩] بِالْخِطَابِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَفِي رِوَايَةٍ بِالْغَيْبَةِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ ; أَيْ: لَا تَظُنُّوا {الَّذِينَ قُتِلُوا} [آل عمران: ١٦٩] بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ {فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: ١٦٩] : مَفْعُولٌ ثَانٍ {بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: ١٦٩] ; أَيْ بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ وَفِي نُسْخَةٍ: {عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] ; أَيْ مِنْ ثَمَرَاتِ الْجَنَّةِ (إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ) : يَعْنِي: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٠ - ١٧١] . (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>