٣٨٥٢ - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ". فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى! أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، فَأَلْقَاهُ، ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٣٨٥٢ - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ» ) : يَعْنِي كَوْنَ الْمُجَاهِدِ فِي الْقِتَالِ بِحَيْثُ يَعْلُوهُ سُيُوفُ الْأَعْدَاءِ سَبَبُ الْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّ أَبْوَابَهَا حَاضِرَةٌ مَعَهُ، أَوِ الْمُرَادُ بِالسُّيُوفِ سُيُوفُ الْمُجَاهِدِينَ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الدُّنُوِّ مِنَ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ ; لِأَنَّهَا أَكْثَرُ سِلَاحِ الْجِهَادِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ مُشْعِرٌ بِكَوْنِهَا مُشْهَرَةً غَيْرَ مُغْمَدَةٍ، ثُمَّ هُوَ مُشْعِرٌ بِكَوْنِهَا وَاقِعَةً فَوْقَ رُءُوسِ الْمُجَاهِدِينَ كَالظِّلَالِ، ثُمَّ هُوَ عَلَى التَّسَايُفِ وَالتَّضَارُبِ فِي الْمَعَارِكِ، ثُمَّ هُوَ إِعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ الْعُلْيَا وَنُصْرَةُ دِينِهِ الْقَوِيمِ الْمُوجِبَةِ لِأَنْ يُفْتَحَ لِصَاحِبِهَا أَبْوَابُ الْجَنَّةِ كُلُّهَا، وَيُدْعَى أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْكَرَامَةِ مِنْ أَنْ يُقَالَ: الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ اه. وَأَرَادَ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِمَّا وَرَدَ أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِ الْأُمَّهَاتِ، وَفِي كَوْنِهِ أَبْلَغَ نَظَرٌ لِأَهْلِ الْبَلَاغَةِ، إِذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ نَفْسَ شَيْءٍ تَحْتَ ظِلِّ شَيْءٍ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ بَابُهُ، فَيُحْتَاجُ إِلَى الدُّخُولِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاقِعٌ فِيهِ لِكَمَالِ قُرْبِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ ; مَعْنَاهُ أَنَّ الْجِهَادَ وَحُضُورَ مَعْرَكَةِ الْقِتَالِ طَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَسَبَبٌ لِدُخُولِهَا، أَقُولُ: هُوَ كَذَلِكَ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْمُبَالَغَةَ أَنَّهُ فِي حَالِ جِهَادِهِ كَأَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ كَمَا سَبَقَ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ، (قَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ) ; أَيْ: فَقِيرُ الْحَالِ كَسِيرُ الْبَالِ فِي النِّهَايَةِ: مَتَاعٌ رَثٌّ ; أَيْ: خَلَقٌ بَالٍ (قَالَ: يَا أَبَا مُوسَى! أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا؟) ; أَيْ: سَمَاعُكَ هَذَا الْحَدِيثَ بِطَرِيقِ الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ (قَالَ: نَعَمْ فَرَجَعَ) : أَيِ: الرَّجُلُ (إِلَى أَصْحَابِهِ) ; أَيْ: مِنْ أَهْلِ رَحْلِهِ (قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ) ; أَيْ: سَلَامَ مُوَدِّعٍ (ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ; أَيْ: غِلَافَهُ (فَأَلْقَاهُ) ; أَيِ: الْغِلَافَ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا بَعْدَ إِقْبَالِهِ عَلَى الْعُقْبَى، (ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : كَانَ الْأَخْصَرَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيَقُولَ: رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَكَذَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute