٣٨٨٣ - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَغْلَةٌ، فَرَكِبَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحِمَارَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٣٨٨٣ - (وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أُهْدِيَتْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ أُتِيَتْ هَدِيَّةٌ (لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغْلَةٌ، فَرَكِبَهَا، قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ؟) : وَفِي نُسْخَةٍ مِثْلُ ذَلِكَ ; أَيِ الْمَرْكُوبِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَمَلْنَا وَجَوَابُ (لَوْ) مُقَدَّرٌ ; أَيْ لَكَانَ حَسَنًا، أَوْ لِلتَّمَنِّي (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) : أَيْ إِنَّ إِنْزَاءَ الْفَرَسِ عَلَى الْفَرَسِ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَنَافِعِ: أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى مَا هُوَ أَوْلَى لَهُمْ وَأَنْفَعُ سَبِيلًا. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: لَا يَعْلَمُونَ مُطْلَقٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْدَّرَ مَفْعُولُهُ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ ; أَيْ: لَا يَعْلَمُونَ كَرَاهِيَتَهُ وَعِلَّتَهَا كَمَا سَبَقَ، وَأَنْ لَا يُقَدَّرَ وَيَجْرِيَ مَجْرَى اللَّازِمِ لِلْمُبَالَغَةِ ; أَيِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي شَيْءٍ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ عَارِفِينَ أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ الْحِكْمَةِ، أَوْ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ، وَمَالَ الْمُظْهِرُ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْزَاءُ الْحِمَارِ عَلَى الْفَرَسِ جَائِزٌ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ الْبَغْلَ وَجَعَلَهُ تَعَالَى مِنَ النِّعَمِ وَمَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] قَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّ الْإِنْزَاءَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالرُّكُوبَ وَالتَّزَيُّنَ بِهِ جَائِزَانِ كَالصُّوَرِ، فَإِنَّ عَمَلَهَا حَرَامٌ وَاسْتِعْمَالَهَا فِي الْفَرْشِ وَالْبَسْطِ مُبَاحٌ اه. وَفِي تَنْظِيرِهِ، نَظَرٌ لَا يَخْفَى. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute