٣٨٨٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدًا مَأْمُورًا، مَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نَنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٣٨٨٢ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدًا مَأْمُورًا» ) : أَيْ بِأَوَامِرِهِ وَمَنْهِيًّا عَنْ نَوَاهِيهِ، أَوْ مَأْمُورًا مِنَ اللَّهِ بِأَنْ يَأْمُرَ أُمَّتَهُ بِشَيْءٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ كَذَا قِيلَ. وَقَالَ الْقَاضِي: أَيْ مِطْوَاعًا غَيْرَ مُسْتَبِدٍّ فِي الْحُكْمِ، وَلَا حَاكِمٍ بِمُقْتَضَى مَيْلِهِ وَتَشَهِّيهِ حَتَّى يَحُضَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَحْكَامِ اه. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ عُمُومًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] الْآيَةَ. (مَا اخْتَصَّنَا) : أَيْ أَهْلَ الْبَيْتِ يُرِيدُ بِهِ نَفْسَهُ وَسَائِرَ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ (دُونَ النَّاسِ) : أَيْ مُتَجَاوِزًا عَنْهُمْ (بِشَيْءٍ إِلَّا بِثَلَاثٍ) : أَيْ مَا اخْتَصَّنَا بِحُكْمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ عَلَى سَائِرِ أُمَّتِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِشَيْءٍ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ، إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ ( «أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ» ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ ; أَيْ نَسْتَوْعِبَ مَاءَهُ، أَوْ نُكْمِلَ أَعْضَاءَهُ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: أَيْ وُجُوبًا ; لِأَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ مُسْتَحَبٌّ لِلْكُلِّ ( «وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نَنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ» ) : بِالْيَاءِ فِي آخِرِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْهَمْزِ مَنْ أَنْزَى الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ حَمَلَهَا عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ هَذَا فِي تَحْرِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَمَرَنَا إِلَخِ. تَفْصِيلٌ لِلْخِصَالِ، وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ أَمْرَ إِيجَابٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِصَاصٌ ; لِأَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ مَنْدُوبٌ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنْزَاءُ الْحِمَارِ عَلَى الْفَرَسِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْآتِي، وَالسَّبَبُ فِيهِ قَطْعُ النَّسْلِ، وَاسْتِبْدَالُ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ، فَإِنَّ الْبَغْلَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ، وَلِذَلِكَ لَا سَهْمَ لَهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَلَا سَبْقَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَهُوَ وَاجِبٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَرِينَةً أَيْضًا كَذَلِكَ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الصَّدَقَةَ بِالتَّطَوُّعِ، أَوِ الْأَمْرَ بِالْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا اخْتَصَّنَا بِشَيْءٍ إِلَّا بِمَزِيدِ الْحَثِّ وَالْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ اه.
وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ بَلِيغٌ عَلَى الشِّيعَةِ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَصَّ أَهْلَ الْبَيْتِ بِعُلُومٍ مَخْصُوصَةٍ، وَنَظِيرُهُ مَا صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سُئِلَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي خَلَقَ الْجَنَّةَ وَبَرَأَ النِّسْمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى الرَّجُلَ فِي كِتَابِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ، الْحَدِيثَ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute