للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: فَإِذَا نَزَلَ الْعَذَابُ بِفِنَائِهِمْ شَبَّهَهُ بِجَيْشٍ هَجَمَهُمْ فَأَنَاخَ بِفِنَائِهِمْ بَعَثَهُ، وَقِيلَ الرَّسُولُ وَقُرِئَ (نَزَلَ) عَلَى إِسْنَادِهِ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَنَزَلَ ; أَيِ: الْعَذَابُ فَبِئْسَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ صَبَاحُهُمْ، وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ وَالصَّبَاحُ مُسْتَعَارٌ مِنْ صَبَاحِ الْجَيْشِ الْمُبَيَّتِ لِوَقْتِ نُزُولِ الْعَذَابِ، وَلَمَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْهُجُومُ وَالْغَارَةُ فِي الصَّبَاحِ سَمَّوُا الْغَارَةَ صَبَاحًا وَإِنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ فِي مِثْلِ هَذَا الشَّأْنِ بِالْقُرْآنِ فِي الْأُمُورِ الْمُحَقَّقَةِ، وَقَدْ جَاءَ لَهُ نَظَائِرُ؛ مِنْهَا عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَطَعْنِ الْأَصْنَامِ. قَالَ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] قَالَ الْعُلَمَاءُ، وَيُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ ضَرْبِ الْمَثَلِ فِي الْمُحَاوَرَاتِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْتُ: بَلْ صَرَّحَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا بِكُفْرِ مِنْ وَضَعَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَوْضِعَ كَلَامِهِ بِأَنْ خَاطَبَ شَخْصًا مُسَمًّى بِيَحْيَى مُنَاوِلًا لَهُ بِكِتَابٍ. وَقَالَ: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] وَكَذَا وَضْعُ بِسْمِ اللَّهِ مَوْضِعَ كُلِّ ذَا دَخَلٍ وَنَحْوُهُمَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ لَهُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: ٨١] فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الِاسْتِشْهَادِ بَلْ مِنْ بَابِ الِامْتِثَالِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: لَهُ: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: ٨١] وَكَذَا مَنْ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] وَنَحْوِهِ بَلْ يَسْتَحِبُّ لَهُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>