التَّفَاوُتِ (وَإِنْ أُخِذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا) : أَيْ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْجَادَّةِ وَالدُّخُولِ فِي طُرُقِ الضَّلَالَةِ (لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بِعِيدًا) . أَيْ: عَنِ الْحَقِّ بِحَيْثُ يَبْعُدُ رُجُوعُكُمْ عَنْهُ إِلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣] قَالَ الطِّيبِيُّ: النَّاسُ مَخْلُوقُونَ لِلْعِبَادَةِ، وَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَأَنَّ الْعَبْدَ يَتَحَرَّى فِيهِمَا السَّيْرَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَتَوَخَّى سُلُوكَ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ لِيُوصِلَهُ إِلَى الْمَقْصُودِ وَالطَّرِيقُ هُوَ الْإِسْلَامُ وَالِاسْتِسْلَامُ، فَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَثَبَتَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَأْخُذْ يَمِينًا وَشِمَالًا قَدْ فَازَ وَسَبَقَ، وَمَنْ رَكِبَ مَتْنَ الرِّيَاءِ أُخِذَ عَنْ يَمِينِ الصِّرَاطِ وَشَمَالِهِ، ثُمَّ إِذَا ثَبَتَ الْمُرَائِي عَلَى اعْوِجَاجِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هَامَ فِي أَوْدِيَةِ الضَّلَالِ، وَأَدَّاهُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: ضَلَالًا بَعِيدًا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute