الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٣٩٨٤ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَا مُسَيْلِمَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَوْ كُنْتُ قَاتِلًا رَسُولًا لَقَتَلْتُكُمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُقْتَلُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
٣٩٨٤ - (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ (وَابْنُ أُثَالٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ (رَسُولَا مُسَيْلِمَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مُتَعَلِّقٌ بِجَاءَ، أَوْ بِرَسُولَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ التَّنَازُعَ (فَقَالَ لَهُمَا أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) فَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ بِذَلِكَ دَعْوَتَهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مُسْلِمَيْنِ (فَقَالَا) وَفِي نُسْخَةٍ قَالَا وَفِي نُسْخَةٍ بِزِيَادَةِ لَا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَا بِقَوْلِهِمَا (نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ) أَرَادَا بِذَلِكَ أَنَّهُمَا مِنْ أَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ لَا غَيْرَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: جَوَابٌ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلسُّؤَالِ وَلَا لِنَفْسِ الْأَمْرِ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَدِ ادَّعَيْتُ الرِّسَالَةَ وَصَدَّقْتُهَا بِمُعْجِزَةٍ فَأَقِرَّا بِذَلِكَ، فَقَوْلُهُمَا نَشْهَدُ إِلَخْ رَدٌّ لِهَذَا الْمَعْنَى كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا أَنَّ الرِّسَالَةَ تَثْبُتُ بِالْمُعْجِزَاتِ فَكَانَ جَوَابُهُمْ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْأَحْمَقِ (فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْمُضَافِ الْجِنْسُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي نُسْخَةٍ وَرُسُلِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعْنَى السَّابِقِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِي بَلْ قَالَ وَرَسُولِهِ ; أَيْ مَنِ ادَّعَى الرِّسَالَةَ وَأَثْبَتَهَا بِالْمُعْجِزَةِ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَهُوَ كَلَامُ الْمُنْصِفِ يَعْنِي وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا مَنْ قَالَ لِمُدَّعِي الرِّسَالَةِ أَظْهِرِ الْمُعْجِزَةَ كَفَرَ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَكَأَنَّهُمْ تَرَقَّبُوا أَنْ يُشْرِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَيْلِمَةَ فِي الرِّسَالَةِ فَنَفَاهُ بِقَوْلِهِ وَرَسُولِهِ ; أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى الرِّسَالَةِ فِي شَيْءٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ اهـ. وَفِي كَوْنِهِمْ مُرَاقِبِينَ لِشِرْكِهِ مَحَلُّ بَحْثٍ ; لِأَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا ذَلِكَ لَأَقَرَّا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ (لَوْ كُنْتُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ كُنْتُ (قَاتِلًا رَسُولًا) ; أَيْ قَادِمًا بِالْخَبَرِ مِنْ عِنْدِ أَحَدٍ بِأَمَانٍ (لَقَتَلْتُكُمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) ; أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ الرَّاوِي بَلْ هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُقْتَلُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ جَرَتِ السُّنَّةُ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فَجَعَلَتْهَا سُنَّةً (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute