للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّدِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوِ احْتَاجَ الْكُلُّ إِلَى الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ قَسَمَهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ السَّبْيِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ فُضُولِ الْحَوَائِجِ لَا أُصُولِهَا، وَأَمَّا مَا يُتَدَاوَى بِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَنَاوُلُهُ، وَكَذَا الطِّيبُ وَالْأَدْهَانُ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ إِلَى الْفُضُولِ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «رُدُّوا الْخَيْطَ وَالْمِخْيَطَ» " وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بِأَحَدِهِمْ مَرَضٌ يُحْوِجُهُ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَلُبْسِ الثَّوْبِ، فَالْمُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا مَا يُوكَلُ لَا لِلتَّدَاوِي سَوَاءً كَانَ مُهَيَّئًا لِلْإِبِلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَالْفَاكِهَةِ الْيَابِسَةِ وَالرَّطْبَةِ وَالْبَصَلِ وَالشَّعِيرِ وَالتِّبْنِ وَالْأَدْهَانِ الْمَأْكُولَةِ كَالزَّيْتِ، فَلَهُمُ الْأَكْلُ وَالِادِّهَانُ بِتِلْكَ الْأَدْهَانِ ; لِأَنَّ الِادِّهَانَ انْتِفَاعٌ فِي الْبَدَنِ كَالْأَكْلِ، وَكَذَا تَرْقِيحُ الدَّابَّةِ وَهُوَ تَصْلِيبُ حَافِرِهَا بِالدُّهْنِ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَكُونُ مُهَيَّئًا كَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ، فَلَهُمْ ذَبْحُهَا وَأَكْلُهَا، وَيَرُدُّونَ الْجِلْدَ إِلَى الْغَنِيمَةِ، ثُمَّ شَرَطَ فِي السَّيْرِ الصَّغِيرِ الْحَاجَةَ إِلَى التَّنَاوُلِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي السَّيْرِ الْكَبِيرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَبِهِ قَالَتِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ تَنَاوُلُهُ إِلَّا لِتَاجِرٍ، وَالرَّاجِلُ وَالْجُنْدِيُّ بِأَجْرٍ لَا يَحِلُّ لَهُمْ، وَلَوْ فَعَلُوا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَيَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِمْ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَبِيدِهِ وَنِسَائِهِ وَصِبْيَانِهِ الَّذِينَ دَخَلُوا مَعَهُ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: " «كُلُوا وَاعْلِفُوا وَلَا تَحْمِلُوا» ". وَأَخْرَجَهُ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ بِغَيْرِ هَذَا السَّنَدِ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ هَانِئِ بْنِ كُلْثُومٍ، أَنَّ صَاحِبَ جَيْشِ الشَّامِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ: إِنَّا فَتَحْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِأَمْرِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: دَعْ يَأْكُلُونَ وَيَعْلِفُونَ، فَمَنْ بَاعَ شَيْئًا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمُسٌ لِلَّهِ وَسِهَامٌ لِلْمُسْلِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>