للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٠٩ - وَعَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَّةِ الْجَرْمِيِّ، قَالَ: أَصَبْتُ بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَانِي مِنْهَا مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «لَا نَفَلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ لَأَعْطَيْتُكَ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٠٠٩ - (وَعَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَّةِ) : تَصْغِيرُ الْجَارِيَةِ (الْجَرْمِيِّ) ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ حِطَّانُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالنُّونِ ابْنُ خُفَافٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الْأُولَى تَابِعِيٌّ، مَشْهُورٌ، سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَمَعْنَ بْنَ يَزِيدَ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ (قَالَ: أَصَبْتُ بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ظَرْفٌ مَعْرُوفٌ مِنَ الْخَزَفِ (حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ) ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فِي الْقَامُوسِ: الْإِمْرُ مَصْدَرُ أُمِّرَ عَلَيْنَا مُثَلَّثَةٌ إِذَا وُلِّيَ، وَالِاسْمُ الْإِمْرَةُ بِالْكَسْرِ، وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ مَصْدَرٌ وَهْمٌ، وَالْمَعْنَى فِي زَمَانِ إِمَارَتِهِ، أَوْ خِلَافَتِهِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ (وَعَلَيْنَا رَجُلٌ) أَيْ: أَمِيرٌ (مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ) ، بِالتَّصْغِيرِ (يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (ابْنُ يَزِيدَ) أَيْ: ابْنُ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ، شَهِدُوا بَدْرًا فِيمَا قِيلَ، يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ وَائِلُ بْنُ كُلَيْبٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ. (فَأَتَيْتُهُ بِهَا) أَيْ: فَجِئْتُ إِلَى مَعْنٍ بِالْجَرَّةِ (فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ: مِنَ الْغُزَاةِ (وَأَعْطَانِي مِنْهَا) أَيْ: مِنَ الْجَرَّةِ (مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا نَفَلَ ") : بِفَتْحَتَيْنِ (" إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ لَأَعْطَيْتُكَ ") . أَيْ: بَعْضُهَا (" نَفَلًا ") .

قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنَفِّلْ أَبَا الْجُوَيْرِيَّةِ مِنَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي وَجَدَهَا لِسَمَاعِهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا نَفَلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ» " وَأَنَّهُ الْمَانِعُ لِتَنْفِيلِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ لِلْغَانِمِينَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ، وَلَعَلَّ الَّتِي وَجَدَهَا كَانَتْ مِنْ عِدَادِ الْفَيْءِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعْطَ النَّفَلَ مِنْهُ. قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا: إِنَّ الرَّاوِيَ كَانَ يَرَى النَّفَلَ بَعْدَ التَّخْمِيسِ، وَرَآهُ مِنَ الْخُمُسِ، وَيَرَى ذَلِكَ مَوْكُولًا إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَلَمَّا كَانَ هُوَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْخُمُسِ دُونَ الْإِمَامِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ عَلَى وَجْهِهِ، وَوَقَعَ السَّهْوُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِيهِ: لَا نَفَلَ بَعْدَ الْخُمُسِ أَيْ: لَا نَفَلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَمْثَلُ اهـ. وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>