للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٠٨ - وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ» . إِذَا قَفَلَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٠٠٨ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ حَبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ الرُّبُعَ) أَيْ: فِي الْبَدْأَةِ (بَعْدَ الْخُمُسِ) أَيْ: بَعْدَ أَنْ يُخْرِجَ الْخُمُسَ (وَالثُّلُثَ) أَيْ: وَيُنَفِّلُ الثُّلُثَ (بَعْدَ الْخُمُسِ إِذَا قَفَلَ) . قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ أَيْ: إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا الْحَدِيثُ كَالَّذِي قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ إِعْطَاءَهُ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَبَيَّنَ هَاهُنَا أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ أَوَّلًا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ وَيَصْرِفُهُ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ يُعْطِي رُبُعَ، أَوْ ثُلُثَ مَا بَقِيَ لِأَهْلِ الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ. قَالَ الْقَاضِي: النَّفَلَ اسْمٌ لِزِيَادَةٍ يَخُصُّ بِهَا الْإِمَامُ بَعْضَ الْجَيْشِ عَلَى مَا يُعَايِنُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ لِمَزِيدِ سَعْيٍ وَاقْتِحَامِ خَطَرٍ، وَالتَّنْفِيلُ إِعْطَاءُ النَّفَلِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ الرُّبُعَ أَيْ: فِي الْبَدْأَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَهِيَ ابْتِدَاءُ سَفَرِ الْغَزْوِ، وَكَانَ إِذَا نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ وَابْتَدَرُوا إِلَى الْعَدُوِّ، وَأَوْقَعُوا بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَمَا غَنِمُوا كَانَ يُعْطِيهِمْ مِنْهَا الرُّبُعَ، وَيُشْرِكُهُمْ سَائِرَ الْعَسْكَرِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، وَكَانَ يُنَفِّلُ الثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ وَهِيَ قُفُولُ الْجَيْشِ مِنَ الْغَزْوِ، فَإِذَا قَفَلُوا وَرَجَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَأَوْقَعُوا بِالْعَدُوِّ مَرَّةً ثَانِيَةً كَانَ يُعْطِيهِمْ مِمَّا غَنِمُوا الثُّلُثَ ; لِأَنَّ نُهُوضَهُمْ بَعْدَ الْقَفْلِ أَشَقُّ وَالْخَطَرَ فِيهِ أَعْظَمُ.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّنْفِيلَ. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْخُمُسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْطِي مِنَ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ لِلْغَانِمِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّمَا يُعْطِي النَّفَلَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي، أَوْ زِيَادَةٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ عَدَمُهَا فِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الْمَعْنَى. قُلْتُ: فَتْحُ هَذَا الْبَابِ يَسُدُّ اسْتِنْبَاطَ الْحُكْمِ مِنَ الْمَبْنِيِّ وَعَدَمِهَا فِي حَدِيثِ: كَيْفَ يَدُلُّ عَلَى وَهْمِ وُجُودِهَا فِي آخَرَ، مَعَ أَنَّ الْإِثْبَاتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَالْقَيْدَ وَالتَّبْيِينَ حُكْمٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْإِجْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُعْطَى النَّفَلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَالسَّلَبِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>