الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِالْخَضِرَةِ ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي النَّاعِمَ خَضِرًا، أَوْ لِشِبْهِهِ بِالْخَضْرَاوَاتِ فِي سُرْعَةِ الزَّوَالِ، (" فَمَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ ") أَيْ: أَخَذَهُ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ (" بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ ") أَيْ: مُتَكَلِّفٌ لِلْخَوْضِ، وَهُوَ الْمَشْيُ فِي الْمَاءِ وَتَحْرِيكُهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي التَّلَبُّسِ وَالتَّصَرُّفِ أَيْ: رُبَّ شَارِعٌ وَمُتَصَرِّفٌ (" فِيمَا شَاءَتْ بِهِ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ") أَيْ: مِنْ زَكَاةٍ وَغَنِيمَةٍ (" لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ ") .
قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ فِي فَمَنْ أَصَابَهُ تَفْصِيلِيَّةٌ، وَكَانَ فِي الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: فَمَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ، فَلَهُ كَذَا. وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ بِحَقِّهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا النَّارُ، فَعَدَلَ إِلَى قَوْلِهِ: وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ يَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا قَلِيلٌ، وَالْأَكْثَرُ مَنْ يَتَخَوَّضُ فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ: حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ أَيْ: مُشْتَهَاةٌ، وَالنُّفُوسُ إِلَيْهَا مَائِلَةٌ جِدًّا، وَفِي الْقَرِينَةِ الثَّانِيَةِ قِيلَ: فِيمَا شَاءَتْ بِهِ نَفْسُهُ، وَمِنْ مَالِ اللَّهِ مُظْهَرٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّخَوُّضُ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ حُكْمٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ وَهُوَ الْخَوْضُ فِي مَالِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَكُونُ مُشْعِرًا بِعِلِّيَّتِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . وَكَذَا أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَلِلشَّيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِلَفْظِ: " «إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute