٤٠١٨ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ.
ــ
٤٠١٨ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ سَيْفَهُ) أَيِ: الَّذِي صَارَ لَهُ (ذَا الْفَقَارِ) : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْعَامَّةُ يَكْسِرُونَهَا، وَكَذَا فِي الْفَائِقِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ سَيْفِهِ (يَوْمَ بَدْرٍ) أَيِ: اصْطَفَاهُ وَجَعَلَهُ صَفِيَّ الْمَغْنَمِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ دُونَهُ قَالَهُ التُّورِبِشْتِيُّ أَيْ: أَخَذَهُ زِيَادَةً لِنَفْسِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ اصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُ الصَّفِيُّ، وَهُوَ مَا يَتَخَيَّرُهُ مِنَ الْمَغْنَمِ وَلَمْ أَجِدْ تَنَفَّلَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَالرِّوَايَةُ وَجَدْنَاهَا كَذَلِكَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَدْ وَجَدْنَاهُ فِي الْكَشَّافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ} [آل عمران: ٦] حَيْثُ قَالَ، وَقَرَأَ طَاوُسٌ: تَصَوَّرَكُمْ أَيْ: صَوَّرَكُمْ لِنَفْسِهِ وَلِتَعَبُّدِهِ كَقَوْلِكَ: أَثَّلْتُهُ مَالًا إِذَا جَعَلْتُهُ أَثَلَةً أَيْ: أَصْلًا وَتَأَثَّلْتُهُ إِذَا أَثَّلْتَهُ لِنَفْسِكَ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ فِي عَدَمِ وُجُودِ التَّنَفُّلِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، لَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَظَرٌ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى طَلَبِ النَّافِلَةِ، وَهِيَ الْعِبَادَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى قَدْرِ الْفَرِيضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قِيلَ: كَانَ هَذَا السَّيْفُ لِمُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قُتِلَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، فَتَنَفَّلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَشْهَدُ بِهِ الْحُرُوبَ دُونَ سَائِرِ سُيُوفِهِ، سُمِّيَ بِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي ظَهْرِهِ حُفَرٌ مُتَسَاوِيَةٌ، وَقِيلَ: كَانَ فِي شَفْرَتَيْهِ خَرَزَاتٌ تُشْبِهُ فَقَرَاتِ الظَّهْرِ، وَفِي الْقَامُوسِ: ذُو الْفَقَارِ سَيْفُ الْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا، فَصَارَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اهـ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ، فَيُرْوَى فِي أَثَرٍ وَاهٍ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ. قَالَ: نَادَى مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ رِضْوَانُ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ لَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ، وَالْمَشْهُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ قَلْبُ الْجُمْلَتَيْنِ، وَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ، أَوْ لِكَوْنِهِ مَوْزُونًا عَلَى تَخْفِيفِ يَاءِ عَلِيٍّ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ) أَيْ: ذُو الْفَقَارِ (الَّذِي رَأَى) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَالرُّؤْيَا الَّتِي رَأَى فِيهِ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ يَوْمَ أُحُدٍ: أَنَّهُ هَزَّ ذَا الْفَقَارِ، فَانْقَطَعَ مِنْ وَسَطِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ هَزَّةً أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ، وَقِيلَ: الرُّؤْيَا هِيَ مَا قَالَ فِيهِ: رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثُلْمًا، فَأَوَّلْتُهُ هَزِيمَةً، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ. الْحَدِيثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute