(أَوِ السَّيْفُ) . وَعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (وَلَا رِقَّ عَلَى عَرَبِيٍّ) . وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «لَوْ كَانَ ثَابِتٌ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ رِقٌّ لَكَانَ الْيَوْمَ» ) قَالَ: وَإِذَا ظُهِرَ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ فَنِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ فَيْءٌ وَيُسْتَرَقُّونَ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اسْتَرَقَّ ذَرَارِيَّ أَوْطَاسٍ وَهَوَازِنَ، وَأَبُو بَكْرٍ اسْتَرَقَّ بَنِي حَنِيفَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: قَدْ رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَتْ مِنْ سَبْيِ حَنِيفَةَ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْحَنَفِيَّةَ، وَيُسَمَّى ابْنُهَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ذَرَارِيَّ الْمُرْتَدِّينَ وَنِسَاءَهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ، بِخِلَافِ ذَرَارِيِّ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لَا يُجْبَرُونَ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: وَأَمَّا الزَّنَادِقَةُ فَقَالُوا: لَوْ جَاءَ زِنْدِيقٌ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَتَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، فَإِنْ أُخِذَ ثُمَّ تَابَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَيُقْتَلُ ; لِأَنَّهُمْ بَاطِنِيَّةٌ يَعْتَقِدُونَ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ ذَلِكَ فَيُقْتَلُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ. قَالَ: وَتَغْلِبُ بْنُ وَائِلٍ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ رَبِيعَةَ تَنَصَّرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ زَمَنَ عُمَرَ دَعَاهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ فَأَبَوْا وَأَنِفُوا، وَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ: لَا آخُذُ مِنْ مُشْرِكٍ صَدَقَةً، فَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالرُّومِ، فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ بَأْسٌ شَدِيدٌ، وَهُمْ عَرَبٌ يَأْنَفُونَ مِنَ الْجِزْيَةِ، فَلَا تُعِنْ عَلَيْهِمْ عَدُوَّكَ بِهِمْ وَخُذْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ، فَبَعَثَ عُمَرُ فِي طَلَبِهِمْ وَضَعَّفَ عَلَيْهِمْ، فَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ الْفُقَهَاءُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ لَهُمْ شَاتَانِ، وَلَا زِيَادَةَ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَعَلَى هَذَا فِي الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ عُمَرُ: هَذِهِ جِزْيَةٌ سَمُّوهَا مَا شِئْتُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ مَالِكٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute