للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٤٠٤١ - عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَالْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٤٠٤١ - (عَنْ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ مَوْلَى عُمَرَ، كُنْيَتُهُ أَبُو خَالِدٍ، كَانَ حَبَشِيًّا ابْتَاعَهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، سَمِعَ عُمَرُ، وَرَوَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ، مَاتَ فِي وِلَايَةِ مَرْوَانَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. (أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ) : أَيِ الْمُكْثِرِينَ مِنْهُ (أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيُسَكَّنُ أَيِ: الْفِضَّةِ (أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مُنْضَمًّا مَعَ مَا ذُكِرَ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَمَعَ ذَلِكَ (أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ الظَّرْفِ، وَأَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَهُوَ أَيِ: الظَّرْفُ خَبَرُهُ (وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) . عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، وَأَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ الْجِزْيَةِ، وَيُبَيَّنَ عَدَدُ الضِّيفَانِ مِنَ الرِّجَالِ وَالْفُرْسَانِ، وَعَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ، وَيُبَيَّنَ جِنْسُ أَطْعِمَتِهِمْ وَعَلَفَ دَوَابِّهِمْ وَيُفَاوَتَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْوَسَطِ فِي الْقَدْرِ دُونَ جِنْسِ الْأَطْعِمَةِ. رَوَاهُ مَالِكٌ. وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُوضَعُ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ، وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ يَقُولُ: الْقِتَالُ وَاجِبٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ} [البقرة: ١٩٣] إِلَّا أَنَّا عَرَفْنَا جَوَازَ تَرْكِهِ إِلَى الْجِزْيَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] وَفِي الْمَجُوسِ بِالْخَبَرِ الَّذِي ذُكِرَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، فَبَقِيَ مَنْ وَرَاءَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ، وَلَنَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ، فَيَجُوزُ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ، فَهَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ تَخْصِيصَ عُمُومِ وُجُوبِ الْقِتَالِ الَّذِي اسْتُدِلَّ بِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِإِخْرَاجِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ عِنْدَ قَبُولِهِمُ الْجِزْيَةَ كَمَا ذُكِرَ، فَجَازَ تَخْصِيصُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ. قَالَ: وَلَا تُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ ; لِأَنَّ كُفْرَهُمَا قَدْ تَغَلَّظَ، فَلَمْ يَكُونُوا فِي مَعْنَى الْعَجَمِ، أَمَّا الْعَرَبُ فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ، فَالْمُعْجِزَةُ فِي حَقِّهِمْ أَظْهَرُ، فَكَفْرُهُمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَغْلَظُ مِنْ كُفْرِ الْعَجَمِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّونَ؛ فَلِأَنَّ كُفْرَهُمْ بَعْدَمَا هُدُوا لِلْإِسْلَامِ وَوَقَفُوا عَلَى مَحَاسِنِهِ فَكَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا الْإِسْلَامُ، أَوِ السَّيْفُ زِيَادَةً فِي الْعُقُوبَةِ لِزِيَادَةِ الْكُفْرِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُسْتَرَقُّ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ; لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ إِتْلَافٌ حُكْمًا فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ إِتْلَافُ نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ، وَلَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦] أَيْ: إِلَى أَنْ يُسْلِمُوا.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: ( «لَا يُقْبَلُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ إِلَّا الْإِسْلَامُ، أَوِ السَّيْفُ» ) . وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: (أَوِ الْقَتْلُ) مَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>