(إِلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا) : بِضَمِّ الْكَافِ وَيُفْتَحُ (فَخُذُوا) أَيْ: كَرْهًا. وَذَكَرَ ابْنُ الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنْ مُحْيِي السُّنَّةِ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ كَانَ مُرُورُهُمْ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ وَالنَّازِلُ غَيْرَ مُضْطَرٍّ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ إِلَّا عَنْ طِيبَةِ نَفْسٍ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: فِي جَامِعِهِ. وَقَالَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ فِي الْغَزْوِ، فَيَمُرُّونَ بِقَوْمٍ وَلَا يَجِدُونَ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَشْتَرُونَ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا إِلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا فَخُذُوا) هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مُفَسَّرًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: وَلَا يَجِدُونَ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَشْتَرُونَ، هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا هُمْ يُؤَدُّونَ مَا لَنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ، عَلَى مَعْنَى أَنَّا إِذَا مِلْنَا الِاضْطِرَارَ إِلَى الطَّعَامِ الَّذِي عِنْدَهُمْ، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيْنَا إِمَّا بِالْبَيْعِ، أَوِ الضِّيَافَةِ، فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ نَفْعَلُ بِهِمْ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ أَبَوْا) إِلَخْ. وَفِيهِ مَعْنَى النَّفْيِ الْمُصَحِّحِ لِلِاسْتِثْنَاءِ أَيْ: إِنْ لَمْ يَحْصُلِ الْأَخْذُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِأَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا فَخُذُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute