(فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ) أَيِ: الْعِصَابَةُ (بِعِيرٍ) : بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ جَرٍّ وَبِكَسْرِ الْعَيْنِ قَالَ الطِّيبِيُّ: الْعِيرُ: يُقَالُ لِلْإِبِلِ بِأَحْمَالِهَا، وَالْمَعْنَى بِقَافِلَةٍ (خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا) أَيْ: تَعَرَّضُوا وَاسْتَقَلُّوا أَهْلَهَا بِالْمُحَارَبَةِ (فَقَتَلُوهُمْ) أَيْ: أَهْلَ الْقَافِلَةِ (وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ) : لَمَّا أُخِذُوا بِالْمَوْتِ رَضُوا بِالْحُمَّى (فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ) مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ (إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ) : مَنْصُوبَانِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: تُقْسِمُ قُرَيْشٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالرَّحِمِ يَعْنِي: بِالْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ (لَمَّا) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ بِمَعْنَى إِلَّا (أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ) أَيْ: لَا يُعَامِلُهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا إِرْسَالَهُ إِلَى أَبِي بَصِيرٍ وَأَتْبَاعِهِ أَحَدًا، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَدِينَة كَيْلَا يَتَعَرَّضُوا لَهُمْ فِي السَّبِيلِ (فَمَنْ أَتَاهُ) أَيْ: وَأَجَازُوا أَنَّ مَنْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَهُوَ آمِنٌ) ، وَفِي النِّهَايَةِ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، وَأَنْشَدْتُكَ اللَّهَ، وَنَاشَدْتُكَ اللَّهَ وَبِاللَّهِ أَيْ: سَأَلْتُكَ وَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ وَتَعْدِيَتُهُ فِي مَفْعُولَيْنِ إِمَّا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ دَعَوْتُ حَيْثُ قَالُوا: نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَبِاللَّهِ؛ أَوْ لِأَنَّهُمْ ضَمَّنُوهُ مَعْنَى ذَكَرْتُ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ إِلَّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤] عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ هَذَا الْحَرْفَ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إِذَا أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ فِي الْمُطَالَبَةِ كَأَنَّهُمْ يَبْتَغُونَ مِنَ الْمَسْئُولِ أَنْ لَا يَهْتَمَّ إِلَّا بِذَلِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ أَتَاهُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، وَالْمَعْنَى أَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ مَا تَطْلُبُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا إِلَّا رَدَّهُمْ إِلَى الْمَدِينَة، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَمَنْ أَتَاهُ مِنْ مَكَّةَ مُسْلِمًا بَعْدُ فَهُوَ آمِنٌ مِنَ الرَّدِّ إِلَى قُرَيْشٍ، (فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ) . أَيْ: إِلَى أَبِي بَصِيرٍ وَأَصْحَابِهِ وَطَلَبَهُمْ إِلَى الْمَدِينَة. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute