الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٤٠٤٩ - وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ يَعْنِي: مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ يُقِيمُ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَاكَ، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: (أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) . ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: (امْحُ: رَسُولَ اللَّهِ) قَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: (هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ بِالسِّلَاحِ إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا) فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ، اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤٠٤٩ - (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ) أَيْ: نَهَارُ الِاثْنَيْنِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ (فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ) : بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: يَتْرُكُوهُ (يَدْخُلُ مَكَّةَ) مَفْعُولٌ بِهِ بِتَقْدِيرِ أَنْ فَحُذِفَ أَنْ وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ (حَتَّى قَاضَاهُمْ) أَيْ: صَالَحَهُمْ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْهَا: عَلَى أَنْ يَرْجِعَ هَذَا الْعَامَ وَمِنْهَا: (عَلَى أَنْ يَدْخُلَ يَعْنِي: مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ) : تَفْسِيرُ كَلَامِ الرَّاوِي لِكَلَامِ الْبَرَاءِ أَيْ: يُرِيدُ الْبَرَاءُ بِدُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ السَّابِقَ، فَتَرَكَهُ الْبَرَاءُ لِظُهُورِهِ، وَقَوْلُهُ: (يُقِيمُ بِهَا) : حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَدْخُلُ أَيْ: يَسْكُنُ بِمَكَّةَ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُكْثَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ. قُلْتُ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهَا لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، بَلْ ظَاهِرُهُ الْإِثْبَاتُ نَظَرًا إِلَى لَفْظِ الْإِقَامَةِ، (فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ) :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute