٤٠٧١ - «وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَاقُوا الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ: " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ، فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشِ " وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بِعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤٠٧١ - (وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) : مَرَّ ذِكْرُهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَاقُو الْعَدُوَّ) : بِضَمِّ الْقَافِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ لَقِيَ وَحُذِفَ النُّونُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ: نَحْنُ مُلَاقُو الْكُفَّارِ (كَذَا) : يُحْتَمَلُ حَقِيقَةً، أَوْ مَجَازًا أَيْ: فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ، وَالْمُرَادُ إِنَّا نَكُونُ فِي حَالَةِ ضِيقٍ (وَلَيْسَتْ مَعَنَا) أَيْ: مَعَ جَمِيعِنَا، وَفِي رِوَايَةٍ: لَنَا (مُدًى) : بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ جَمْعُ مُدْيَةٍ وَهِيَ السِّكِّينُ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟) : بِفَتْحَتَيْنِ فِي النِّهَايَةِ: الْقَصَبُ مِنَ الْعِظَامِ كُلُّ عَظِيمٍ عَرِيضٍ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْقَصَبُ مُحَرَّكَةٌ كُلُّ نَبَاتٍ ذِي أَنَابِيبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الشُّمُنِّيُّ، وَهُوَ الذَّبْحُ بِكُلِّ مَا فِيهِ حَدٌّ وَلَوْ كَانَ لِيفَةً وَهُوَ الْقَصَبُ، أَوْ مَرْوَةً وَهِيَ الْحَجَرُ. (قَالَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْإِنْهَارُ الْإِسَالَةُ، وَالصَّبُّ بَكَثْرَةٍ وَهُوَ مُشَبَّهٌ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ، فَالْمَعْنَى مَا أَسَالَ الدَّمَ. (وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ) أَيْ: عَلَيْهِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَرِوَايَةٍ. (فَكُلْ) أَيْ: فَكُلْهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَا) شَرْطِيَّةً وَمَوْصُولَةً. وَقَوْلُهُ فَكُلْ جَزَاءٌ، أَوْ خَبَرٌ وَاللَّامُ فِي الدَّمِ بَدَلٌ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَيْ: دَمُ صَيْدٍ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ حَالٌ مِنْهُ اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهِ أَعَمُّ مِنَ الصَّيْدِ لِيَشْمَلَ كُلَّ ذَبِيحَةٍ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِمْ: أَفَنَذْبَحُ؟ وَإِنَّ قَوْلَهُ: ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَطْفٌ عَلَى أَنْهَرَ الدَّمَ، سَوَاءٌ تَكُونُ (مَا) شَرْطِيَّةً، أَوْ مَوْصُولَةً. فَالْحُكْمُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ. (لَيْسَ) أَيِ: الْمُنْهِرُ (السِّنَّ وَالظُّفُرَ) : بِضَمَّتَيْنِ وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْقُرَّاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: ١٤٦] وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الثَّانِي وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ شَاذٌّ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْمَعْنَى إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ، فَإِنَّ الذَّبْحَ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا. وَفَى الْفَائِقِ: لَيْسَ تَقَعُ فِي كَلِمَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ يَقُولُونَ: جَاءَ الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا. بِمَعْنَى إِلَّا زَيْدًا، وَتَقْدِيرُهُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ لَيْسَ بَعْضُهُمْ زَيْدًا، أَوْ لَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ زَيْدًا وَمُؤَدَّاهُ مُؤَدَّى إِلَّا (وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الْمُسْتَثْنَى، وَالسِّينُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ، وَالْمَعْنَى أُخْبِرُكَ عَنْ سَبَبِ اسْتِثْنَائِهِمَا مُفَصَّلًا وَإِنْ أَجْمَلْتُهُمَا فِي حُكْمِ عَدَمِ الْجَوَازِ الْمَفْهُومِ مِنَ اسْتِثْنَائِهِمَا (أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ) أَيْ: وَكُلُّ عَظْمٍ لَا يَحِلُّ بِهِ الذَّبْحُ، وَطَوَى النَّتِيجَةَ لِدَلَالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute