للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَعَتْ عَلَيْهِ ذُبَابَةٌ لَآلَمَتْهُ، فَمَنَعَ اللَّهُ عَنْهُ الذُّبَابَ، وَلَا يَظْهَرُ كَثِيرًا إِلَّا فِي أَمَاكِنِ الْعُفُونَةِ. قُلْتُ: وَقَدْ عُدَّ مِنَ الْغَرَائِبِ عَدَمُ وُجُودِهَا فِي مِنًى أَيَّامَهُ مَعَ كَثْرَةِ الْخَلَائِقِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَكَثْرَةِ الْعُفُونَاتِ، هَذَا وُفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ( «عُمْرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً وَالذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ» ) . قِيلَ: كَوْنُهُ فِي النَّارِ لَيْسَ لِعَذَابٍ لَهُ، وَإِنَّمَا لِيُعَذِّبَ أَهْلَ النَّارِ بِوُقُوعِهِ عَلَيْهِمْ. وَفِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَهُ فَقَالَ: لِأَيْ حِكْمَةٍ خَلَقَ اللَّهُ الذُّبَابَ؟ فَقَالَ: مَذَلَّةٌ لِلْمُلُوكِ فَضَحِكَ الْمَأْمُونُ وَقَالَ: رَأَيْتَهُ قَدْ سَقَطَ عَلَى خَدِّي. قَالَ نَعَمْ وَلَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْهُ وَمَا عِنْدِي جَوَابٌ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَقَطَ مِنْكَ بِمَوْضِعٍ لَا يَنَالُهُ مِنْكَ أَحَدٌ فُتِحَ لِيَ فِيهِ الْجَوَابُ، فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّكَ. قُلْتُ حُكِيَ أَنَّ مَجْذُوبًا جَاءَهُ سُلْطَانٌ، فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أَنْ تَدْفَعَ عَنِّي الذُّبَابَ، وَقَدْ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى حِكْمَةِ خَلْقِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِإِذْلَالِ مَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣] وَفِي شِفَاءِ الصُّدُورِ، وَتَارِيخِ ابْنِ النَّجَّارِ مُسْنَدًا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَقَعُ عَلَى جَسَدِهِ وَلَا ثِيَابِهِ ذُبَابٌ أَصْلًا» . وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ كُلُّ أَنْوَاعِهِ يَحْرُمُ أَكْلُهَا، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَفِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ وَقَعَتْ ذُبَابَةٌ أَوْ نَمْلَةٌ فِي قِدْرِ طَبِيخٍ وَتَهَرَّى أَجْزَاؤُهُ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُ ذَلِكَ الطَّبِيخِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ أَكْلِ الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ وَنَحْوِهِ إِنَّمَا كَانَ لِلِاسْتِقْذَارِ وَهَذَا لَا يُعَدُّ اسْتِقْذَارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>