٤١٤٤ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمًّا وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً وَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السَّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
ــ
٤١٤٤ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صَلِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الطَّعَامِ ") أَيْ فِيمَا يُطْعَمُ مِنَ الْمَأْكُولِ الَّذِي يُمْكِنُ غَمْسُهُ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ الْمَشْرُوبُ (" فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سَمًّا ") أَيْ نَوْعًا مِنَ السَّمِّ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ ضَرَرٌ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهُ وَكَسْرُهُ. قَالَ الْأَكْمَلُ: السَّمُّ مُثَلَّثُ السِّينِ بِمَعْنَى الْقَاتِلِ. وَفِي الْقَامُوسِ السَّمُّ الثُّقْبُ وَهَذَا الْقَاتِلُ الْمَعْرُوفُ وَيُثَلَّثُ فِيهِمَا. (وَفِي الْآخَرِ) : أَيْ وَفِي جَنَاحِهِ الْآخَرِ " شِفَاءً: أَيْ لِذَلِكَ السَّمِّ أَوْ نَوْعُ شِفَاءٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " وَإِنَّهُ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الذُّبَابَ " يُقَدِّمُ السَّمَّ ": أَيِ الْجَنَاحَ الَّذِي فِيهِ السَّمُّ وَقْتَ الْوُقُوعِ " وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ " أَيْ وَيُصَعِّدُ الْجَنَاحَ الَّذِي فِيهِ الشِّفَاءُ وَهُوَ إِمَّا خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِوَضْعِ الْجَنَاحَيْنِ أَوْ قَصْدًا لِلْإِضْرَارِ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ تَسْكِينٌ مِنْ حَرَارَةِ السَّمِّ بِغَمْسِ ذَلِكَ الْجَنَاحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) : وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ: «إِنَّ أَحَدَ جَنَاحَيِ الذُّبَابِ سَمٌّ، وَالْآخَرَ شِفَاءٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السَّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ» . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ. وَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَكَيْفَ يَجْتَمِعُ الدَّاءُ وَالشِّفَاءُ فِي جَنَاحَيِ الذُّبَابِ، وَكَيْفَ تَعْلَمُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا حَتَّى تُقَدِّمَ جَنَاحَ الدَّاءِ وَتُؤَخِّرَ جَنَاحَ الشِّفَاءِ؟ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَهَذَا سُؤَالُ جَاهِلٍ أَوْ مُتَجَاهِلٍ، فَإِنَّ الَّذِي يَجِدُ نَفْسَهُ وَنُفُوسَ عَامَّةِ الْحَيَوَانِ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ فِيهَا بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ وَالرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَهِيَ أَشْيَاءُ مُتَضَادَّةٌ إِذَا تَلَاقَتْ تَفَاسَدَتْ، ثُمَّ يَرَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَلَّفَ بَيْنَهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ، وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي بِهَا فَسَادُهَا وَصَلَاحُهَا لَجَدِيرٌ أَنْ لَا يُنْكِرَ الدَّاءَ وَالشِّفَاءَ فِي جُزْأَيْنِ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النِّحْلَةَ أَنْ تَتَّخِذَ الْبَيْتَ الْعَجِيبَ الصَّنْعَةِ، وَأَنْ تَعْسِلَ فِيهِ، وَأَلْهَمَ الذَّرَّةَ أَنَّ تَكْسِبَ قُوتَهَا وَتَدَّخِرَهُ لِأَوَانِ حَاجَتِهَا إِلَيْهِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ الذُّبَابَةَ وَجَعَلَ لَهَا الْهِدَايَةَ إِلَى أَنْ تُقَدِّمَ جَنَاحًا وَتُؤَخِّرَ جَنَاحًا لِمَا أَرَادَ مِنَ الِابْتِلَاءِ الَّذِي هُوَ مَدْرَجَةُ الْعَبْدِ، وَالِامْتِحَانُ الَّذِي هُوَ مِضْمَارُ التَّكْلِيفِ، وَلَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَةٌ وَعُنْوَانُ صَوَابٍ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَقَدْ تَأَمَّلْتُ الذُّبَابَ فَوَجَدْتُهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِلدَّاءِ كَمَا أَنَّ الْأَيْمَنَ مُنَاسِبٌ لِلشِّفَاءِ، وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يُبْقِي رَجِيعَهُ عَلَى الْأَبْيَضِ أَسُودَ وَعَلَى الْأَسْوَدِ أَبْيَضَ، وَلَا يَقَعُ عَلَى شَجَرَةِ الْيَقْطِينِ، وَلِذَلِكَ أَنْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، فَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute